الفرق بين الراقي والراقي المعالج
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا وحبيبنا محمد الأمين خاتم النبيين والمرسلين ، وآله وصحبه الطيبين الطاهرين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد :
لا شك أن هناك فرقاً بين الراقي والراقي المعالج ، فقد يلتبس هذا الأمر على كثير من الناس ولا يدرون الفرق بينهما ، فكان لا بد من توضيح الفرق بينهما ، وما يترتب على ذلك من أمور .
أولاً : بيان وتعريف الراقي والراقي المعالج :
أما الراقي :
هو الذي يقوم بالقراءة على المرضى بكلمات شرعية وأدعية مباحه ، بنية الشفاء من الأسقام والأمراض سواء كان بأجر أو بغير أجر .
وأما الراقي المعالج :
فهو الراقي الذي يجمع بين الرقية والعلاج علماً وعملاً ، وعليه فإن الراقي المعالج قد يدخل في علاجه الطب النبوي ، والطب العضوي ، والطب النفسي ، وطب الأعشاب ، فلا يقتصر عمله على الرقية فقط.
ثانياً : بيان الفروقات بينهما :
بناءً على ما تقدم من تعريف للراقي والراقي المعالج ، فإنه يترتب بعض الفروقات بينهما على النحو التالي :
1- تبين أن الراقي المعالج أعم وأشمل من الراقي ، فقد اختصر عمل الراقي على قراءة الرقية فقط ، أما الراقي المعالج فإنه يضيف للرقية العلاج .
2- يتبين أن كل مسلم يستطيع أن يكون راقياً ، لأن القرآن الكريم ليس حكراً على أناس دون غيرهم ، في حين أن الراقي المعالج يختصر على أناس بعينهم ، كون عملهم بحاجه إلى علمٍ وطب .
3- يتبين أن الراقي لا يحتاج إلى علم شرعي لممارسة الرقية ، وإنما يكفيه أن يحسن النية ، وأن يحسن قراءة القرآن الكريم ، بعكس الراقي المعالج الذي يحتاج إلى العلم الشرعي ، والعلم الطبي ، إلى غير ذلك من العلوم التي تساعده على تشخيص نوع الإصابة وعلاجها عند المريض.
4- يجوز للراقي المعالج أن يشخص الحالات المرضية ، ويوصف لها العلاج ، في حين أن الراقي يقتصر عمله على الرقية بنية الشفاء دون تشخيص أو صرف علاج ، خشية أن يوقع الناس بالوهم والحرج الشديد .
5- يجوز للراقي المعالج أن يتخصص ويفتح مراكز علاجية كونه يمتلك القدرة على التشخيص والعلاج ونفع الناس ، بخلاف الراقي الذي اختلف فيه العلماء في حكم أن يتخصص ويفرغ نفسه للعلاج بالرقية فقط .
6- يحق للراقي المعالج المعالج أن يأخذ الأجرة على عمله ، في حين اختلف العلماء في حكم أخذ الأجرة على الرقية فقط .
ثالثا : أقوال العلماء المجيزين والمانعين في حكم أخذ الأجرة على الرقية والتفرغ للرقية :
الفريق الأول :
أ – بعض العلماء المجيزين لأخذ الأجرة على الرقية :
* قَالَ الْحَافِظُ ابْن حَجَر: لقدْ اتفقَ الأئمةُ الأربعةُ وَغيرهم مِن العُلماءِ عَلى جَوازِ أخذ الأجْرةِ على الرَّقية. فتح الباري لابن حجر(4/455).
* قَالَ النَّوَوِيّ في شرحهِ لحديثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخدريِّ رَضَيَ اللهُ عَنْهُ: " خُذُوا مِنْهُمْ :" هَذَا تَصْرِيحٌ بِجَوَازِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى الرُّقْيَةِ بِالْفَاتِحَةِ وَالذِّكْرِ، وَأَنَّهَا حَلَالٌ لَا كَرَاهَةَ فِيهَا. شرح صحيح مسلم للنووي(14/356 و357( .
* قال الشيخ بن باز - رحمه الله تعالى - : - لا حَرَجَ في أَخْذِ الأجْرةِ عَلى رُقيةِ المريضِ، لما ثبتَ فِي الصَّحِيْحَيْنِ. مجموع فتاوى ابن باز ( 19 : 338) .
* قَال الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله تعالى - : - لا بأس أن يأخذ الراقي أجرة أو هدية على عمله. السحر والشعوذة ( 93) .
ب- بعض العلماء المجيزين للتفرغ للعلاج بالرقية الشرعية :
• يقول الشيخ إبن عثيمين - رحمه الله تعالى - : التفرغ للقراءة على المرضى من الخير والإحسان ، إذا قصد الإنسان بذلك وجه الله عز وجل ، ونفع عباد الله ، وتوجيههم إلى الرقى الشرعية التي جاءت في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. فتاوى نور على الدرب العثيمين (2/4) .
• يقول الشيخ عبد المحسن العباد - حفظه الله تعالى - : نفع الناس طيب، ولكن ليس بهذا التوسع وبهذا الابتذال الذي قد حصل، فهذا التوسع غير جيد، حتى أن بعضهم بسبب كثرة المتعالجين عنده يقرأ على عدة أشخاص! فهذا لا وجه له . شرح سنن أبي داود (391/13) .
• أفتى سماحة الشيخ بن باز – رحمه الله تعالى - فى شريط (لقاء الأحبة) بجواز التفرغ للعلاج بالقرآن ، لما يرى فى ذلك من مصلحة شرعية عامة للمسلمين.
ثانيا : الفريق الثاني :
أ- بعض العلماء المانعين لأخذ الأجرة على الرقية :
* قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - : إذا جعل الطبيب جعلا على شفاء المريض جاز ، كما أخذ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين جعل لهم قطيع على شفاء سيد الحي ، فرقاه بعضهم حتى برأ ، فأخذوا القطيع ، فإن الجعل على الشفاء لا على القراءة . )مجموع الفتاوى - 20 / 507 ( .
* يقول العلامة أحمد بن يحيى النجمي – رحمه الله تعالى - : أخاف على من أخذ المال في مقابل الرقية أخاف عليه من ذلك ، ولا أرى لمن فرّغ نفسه للرقية أن يأخذ الجعل ويحرص عليه لأن ذلك ليس على جوازه دليل واضح . (فتح الرب الودود في الفتاوى والردود ص 394 ج2 ).
* يقول الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – رحمه الله تعالى - : لا مانع من أخذ الأجرة على الرقية الشرعية بشرط البراءة من المرض وزوال أثره . (فتح الحق المبين في أحكام رقى الصرع والسحر والعين) .
• يقول ابن أبي زيد القيرواني المالكي : ( لا يجوز الجعل على إخراج الجان من الإنسان لأنه لا يعرف حقيقته ولا يوقف عليه وكذا الجعل على حل المربوط والمسحور ) ( نقلا عن كتاب الشرك ومظاهره للميلي – ص 169 ) .
• يقول فضيلة الشيخ الدكتور قيس بن محمد آل الشيخ المبارك / عضو هيئة كبار العلماء
إذا حصل من رقيته الشفاءُ جازَ له أن يأخذ أجرا على ذلك، فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقومٍ اشترطوا جُعْلاً على الرقية إنْ حصل الشفاء: (أَصَبْتُم، اقسموا واضربوا لي معكم بسهم ) أمّا أنْ يأخذَ الرَّاقي المالَ على مجرَّد القراءة، سواءً حصل الشِّفاء أم لم يحصل، فهذا مِن أَكْلِ مال الناس بالباطل .
( في إتصال هاتفي جرى بيني وبين فضيلة الشيخ -حفظه الله تعالى- يوم الأربعاء الموافق 10 / 4 2013 م في تمام الساعة السادسة وأربع وثلاثون دقيقة مساءاً ) .
ولمراجعة المقال كاملا - موقع جريدة اليوم السعودية التي تصدر بالمنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية . الأربعاء 30 جمادى الأولى 1434 - 10 أبريل (نيسان) 2013 .
• قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ : ( كذلك نجد بعض القراء " الراقين " يصنفون القراءة فيسمي هذه قراءة عادية بسعر كذا وقراءة أخرى بسعر أعلى وقراءة ثالثة وهكذا ، وهذا من أكل أموال الناس بالباطل وهو خلاف المشروع في الرقية ، فليس هناك رقية عادية وأخرى ممتازة وليس هناك تسعير للرقية وهذا ما ينبغي الإقلاع عنه والحذر منه ) ( مجلة الدعوة - صفحة 23 - العدد 1683 من ذي القعدة 1419 هـ ) .
ب- بعض العلماء المانعين للتفرغ للعلاج بالرقية الشرعية :
* يقول ابن رجب الحنبلي – رحمه الله تعالى - : أن المتفرِّغ للرقية على الناس فيه مشابهة بالذي يتفرغ للدعاء للناس ، فالرقية والدعاء من جنس واحد ، فهل يليق بطالب علم أن يقول للناس : تعالوا إليَّ أدعوا لكم !! ، وهذا مخالف لهدْي السلف الصالح. الحكم الجديرة بالإذاعة بين يدي الساعة ، لابن رجب الحنبلي ( ص 54) .
* يقول الشيخ الألباني - رحمه الله تعالى - : لقد كان الذين يتولون القراءة على المصروعين أفراداً قليلين صالحين فيما مضى ، فصاروا اليوم بالمئات ، وفيهم بعض النسوة المتبرجات ، فخرج الأمر عن كونه وسيلة شرعية لا يقوم بها إلا الأطباء عادة ، إلى أمور ووسائل أخرى لا يعرفها الشرع ولا الطب معاً ، فهي – عندي – نوع من الدجل والوساوس يوحي بها الشيطان إلى عدوه الإنسان ، فقد علمتُ أن كثيراً ممن ابتُلوا بهذه المهنة من الغافلين عن هذه الحقيقة . السلسلة الصحيحة ج6 قسم 2 ص 1009-1010 .
• يقول الدكتور ناصر العقل : لم يرد عن السلف أن أحداً منهم تفرغ من أجل الرقية، بل كانوا يرقون أنفسهم ويرقون غيرهم، ويقرون من يرقي غيره، لكن لا على سبيل جعل الرقية مهنة يتفرغ لها الإنسان، وما يفعله كثير من طلاب العلم هذا فيه نوع من تجاوز الأصل الشرعي، ولذلك أقول: إن هذه الظاهرة إذا زادت ربما تتأصل وتكون من البدع التي يصعب علاجها فيما بعد. شرح الطحاوية (96/ 8) .
خلاصة البحث :
ومن خلال استعراض حيثيات البحث السابق تبين للباحث الأمور التالية :
1- أن هنا فرقاً بين الراقي والراقي المعالج قد يغفل عنه كثير من الناس.
2- أن الراقي المعالج أعم وأشمل من الراقي الذي يقتصر عمله على الرقية فقط .
3- أجاز العلماء فتح مراكز علاجية للراقي المعالج وأخذ الأجرة ، ولكنهم اختلفوا في حكم التفرغ والتخصص وأخذ الأجرة من قبل الراقي بين مجيز ومانع مع ترجيح الباحث للمنع .
4- لا أنصح الأخوة الرقاة أن ينصبوا أنفسهم لرقية الناس ، بل ينبغي عليهم أن يعلموا الناس ويرشدوهم إلى رقية أنفسهم وذويهم ، كون العلاج بالرقية الشرعية لا يقتصر على أناس بعينهم .
وكما هو معلوم أن من دواعي الشفاء بالرقية الشرعية الإخلاص والتوجه إلى الله تعالى ، وعليه فإن الإخلاص والتوجه إلى الله الذي يكون عند المريض وذويه أنفع وأكمل من الراقي وغيرة ، فكلما قرأ الشخص على ذويه كان أنفع ، وكلما قرأ الشخص المصاب على نفسه كان أنفع وأنجع بإذن الله تعالى .
5- لقد أسهم هذا البحث في توجيه العامة لرقية أنفسهم وذويهم ، وفيه سدُ لذرائع حذر منها العلماء ، وفيه سدُ أيضاً لفتح باب طالما حذرنا منه وهو فتح باب الوهم على الناس .
6- أسهم هذا البحث في حث الرقاة على أن يكونوا رقاة معالجين ، فينهلوا من علوم الشرع والطب لينفعوا الناس ولا يبقى عملهم مقتصراً على الرقية فقط .
تم بحمد الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا وحبيبنا محمد الأمين خاتم النبيين والمرسلين ، وآله وصحبه الطيبين الطاهرين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد :
لا شك أن هناك فرقاً بين الراقي والراقي المعالج ، فقد يلتبس هذا الأمر على كثير من الناس ولا يدرون الفرق بينهما ، فكان لا بد من توضيح الفرق بينهما ، وما يترتب على ذلك من أمور .
أولاً : بيان وتعريف الراقي والراقي المعالج :
أما الراقي :
هو الذي يقوم بالقراءة على المرضى بكلمات شرعية وأدعية مباحه ، بنية الشفاء من الأسقام والأمراض سواء كان بأجر أو بغير أجر .
وأما الراقي المعالج :
فهو الراقي الذي يجمع بين الرقية والعلاج علماً وعملاً ، وعليه فإن الراقي المعالج قد يدخل في علاجه الطب النبوي ، والطب العضوي ، والطب النفسي ، وطب الأعشاب ، فلا يقتصر عمله على الرقية فقط.
ثانياً : بيان الفروقات بينهما :
بناءً على ما تقدم من تعريف للراقي والراقي المعالج ، فإنه يترتب بعض الفروقات بينهما على النحو التالي :
1- تبين أن الراقي المعالج أعم وأشمل من الراقي ، فقد اختصر عمل الراقي على قراءة الرقية فقط ، أما الراقي المعالج فإنه يضيف للرقية العلاج .
2- يتبين أن كل مسلم يستطيع أن يكون راقياً ، لأن القرآن الكريم ليس حكراً على أناس دون غيرهم ، في حين أن الراقي المعالج يختصر على أناس بعينهم ، كون عملهم بحاجه إلى علمٍ وطب .
3- يتبين أن الراقي لا يحتاج إلى علم شرعي لممارسة الرقية ، وإنما يكفيه أن يحسن النية ، وأن يحسن قراءة القرآن الكريم ، بعكس الراقي المعالج الذي يحتاج إلى العلم الشرعي ، والعلم الطبي ، إلى غير ذلك من العلوم التي تساعده على تشخيص نوع الإصابة وعلاجها عند المريض.
4- يجوز للراقي المعالج أن يشخص الحالات المرضية ، ويوصف لها العلاج ، في حين أن الراقي يقتصر عمله على الرقية بنية الشفاء دون تشخيص أو صرف علاج ، خشية أن يوقع الناس بالوهم والحرج الشديد .
5- يجوز للراقي المعالج أن يتخصص ويفتح مراكز علاجية كونه يمتلك القدرة على التشخيص والعلاج ونفع الناس ، بخلاف الراقي الذي اختلف فيه العلماء في حكم أن يتخصص ويفرغ نفسه للعلاج بالرقية فقط .
6- يحق للراقي المعالج المعالج أن يأخذ الأجرة على عمله ، في حين اختلف العلماء في حكم أخذ الأجرة على الرقية فقط .
ثالثا : أقوال العلماء المجيزين والمانعين في حكم أخذ الأجرة على الرقية والتفرغ للرقية :
الفريق الأول :
أ – بعض العلماء المجيزين لأخذ الأجرة على الرقية :
* قَالَ الْحَافِظُ ابْن حَجَر: لقدْ اتفقَ الأئمةُ الأربعةُ وَغيرهم مِن العُلماءِ عَلى جَوازِ أخذ الأجْرةِ على الرَّقية. فتح الباري لابن حجر(4/455).
* قَالَ النَّوَوِيّ في شرحهِ لحديثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخدريِّ رَضَيَ اللهُ عَنْهُ: " خُذُوا مِنْهُمْ :" هَذَا تَصْرِيحٌ بِجَوَازِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى الرُّقْيَةِ بِالْفَاتِحَةِ وَالذِّكْرِ، وَأَنَّهَا حَلَالٌ لَا كَرَاهَةَ فِيهَا. شرح صحيح مسلم للنووي(14/356 و357( .
* قال الشيخ بن باز - رحمه الله تعالى - : - لا حَرَجَ في أَخْذِ الأجْرةِ عَلى رُقيةِ المريضِ، لما ثبتَ فِي الصَّحِيْحَيْنِ. مجموع فتاوى ابن باز ( 19 : 338) .
* قَال الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله تعالى - : - لا بأس أن يأخذ الراقي أجرة أو هدية على عمله. السحر والشعوذة ( 93) .
ب- بعض العلماء المجيزين للتفرغ للعلاج بالرقية الشرعية :
• يقول الشيخ إبن عثيمين - رحمه الله تعالى - : التفرغ للقراءة على المرضى من الخير والإحسان ، إذا قصد الإنسان بذلك وجه الله عز وجل ، ونفع عباد الله ، وتوجيههم إلى الرقى الشرعية التي جاءت في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. فتاوى نور على الدرب العثيمين (2/4) .
• يقول الشيخ عبد المحسن العباد - حفظه الله تعالى - : نفع الناس طيب، ولكن ليس بهذا التوسع وبهذا الابتذال الذي قد حصل، فهذا التوسع غير جيد، حتى أن بعضهم بسبب كثرة المتعالجين عنده يقرأ على عدة أشخاص! فهذا لا وجه له . شرح سنن أبي داود (391/13) .
• أفتى سماحة الشيخ بن باز – رحمه الله تعالى - فى شريط (لقاء الأحبة) بجواز التفرغ للعلاج بالقرآن ، لما يرى فى ذلك من مصلحة شرعية عامة للمسلمين.
ثانيا : الفريق الثاني :
أ- بعض العلماء المانعين لأخذ الأجرة على الرقية :
* قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - : إذا جعل الطبيب جعلا على شفاء المريض جاز ، كما أخذ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين جعل لهم قطيع على شفاء سيد الحي ، فرقاه بعضهم حتى برأ ، فأخذوا القطيع ، فإن الجعل على الشفاء لا على القراءة . )مجموع الفتاوى - 20 / 507 ( .
* يقول العلامة أحمد بن يحيى النجمي – رحمه الله تعالى - : أخاف على من أخذ المال في مقابل الرقية أخاف عليه من ذلك ، ولا أرى لمن فرّغ نفسه للرقية أن يأخذ الجعل ويحرص عليه لأن ذلك ليس على جوازه دليل واضح . (فتح الرب الودود في الفتاوى والردود ص 394 ج2 ).
* يقول الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – رحمه الله تعالى - : لا مانع من أخذ الأجرة على الرقية الشرعية بشرط البراءة من المرض وزوال أثره . (فتح الحق المبين في أحكام رقى الصرع والسحر والعين) .
• يقول ابن أبي زيد القيرواني المالكي : ( لا يجوز الجعل على إخراج الجان من الإنسان لأنه لا يعرف حقيقته ولا يوقف عليه وكذا الجعل على حل المربوط والمسحور ) ( نقلا عن كتاب الشرك ومظاهره للميلي – ص 169 ) .
• يقول فضيلة الشيخ الدكتور قيس بن محمد آل الشيخ المبارك / عضو هيئة كبار العلماء
إذا حصل من رقيته الشفاءُ جازَ له أن يأخذ أجرا على ذلك، فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقومٍ اشترطوا جُعْلاً على الرقية إنْ حصل الشفاء: (أَصَبْتُم، اقسموا واضربوا لي معكم بسهم ) أمّا أنْ يأخذَ الرَّاقي المالَ على مجرَّد القراءة، سواءً حصل الشِّفاء أم لم يحصل، فهذا مِن أَكْلِ مال الناس بالباطل .
( في إتصال هاتفي جرى بيني وبين فضيلة الشيخ -حفظه الله تعالى- يوم الأربعاء الموافق 10 / 4 2013 م في تمام الساعة السادسة وأربع وثلاثون دقيقة مساءاً ) .
ولمراجعة المقال كاملا - موقع جريدة اليوم السعودية التي تصدر بالمنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية . الأربعاء 30 جمادى الأولى 1434 - 10 أبريل (نيسان) 2013 .
• قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ : ( كذلك نجد بعض القراء " الراقين " يصنفون القراءة فيسمي هذه قراءة عادية بسعر كذا وقراءة أخرى بسعر أعلى وقراءة ثالثة وهكذا ، وهذا من أكل أموال الناس بالباطل وهو خلاف المشروع في الرقية ، فليس هناك رقية عادية وأخرى ممتازة وليس هناك تسعير للرقية وهذا ما ينبغي الإقلاع عنه والحذر منه ) ( مجلة الدعوة - صفحة 23 - العدد 1683 من ذي القعدة 1419 هـ ) .
ب- بعض العلماء المانعين للتفرغ للعلاج بالرقية الشرعية :
* يقول ابن رجب الحنبلي – رحمه الله تعالى - : أن المتفرِّغ للرقية على الناس فيه مشابهة بالذي يتفرغ للدعاء للناس ، فالرقية والدعاء من جنس واحد ، فهل يليق بطالب علم أن يقول للناس : تعالوا إليَّ أدعوا لكم !! ، وهذا مخالف لهدْي السلف الصالح. الحكم الجديرة بالإذاعة بين يدي الساعة ، لابن رجب الحنبلي ( ص 54) .
* يقول الشيخ الألباني - رحمه الله تعالى - : لقد كان الذين يتولون القراءة على المصروعين أفراداً قليلين صالحين فيما مضى ، فصاروا اليوم بالمئات ، وفيهم بعض النسوة المتبرجات ، فخرج الأمر عن كونه وسيلة شرعية لا يقوم بها إلا الأطباء عادة ، إلى أمور ووسائل أخرى لا يعرفها الشرع ولا الطب معاً ، فهي – عندي – نوع من الدجل والوساوس يوحي بها الشيطان إلى عدوه الإنسان ، فقد علمتُ أن كثيراً ممن ابتُلوا بهذه المهنة من الغافلين عن هذه الحقيقة . السلسلة الصحيحة ج6 قسم 2 ص 1009-1010 .
• يقول الدكتور ناصر العقل : لم يرد عن السلف أن أحداً منهم تفرغ من أجل الرقية، بل كانوا يرقون أنفسهم ويرقون غيرهم، ويقرون من يرقي غيره، لكن لا على سبيل جعل الرقية مهنة يتفرغ لها الإنسان، وما يفعله كثير من طلاب العلم هذا فيه نوع من تجاوز الأصل الشرعي، ولذلك أقول: إن هذه الظاهرة إذا زادت ربما تتأصل وتكون من البدع التي يصعب علاجها فيما بعد. شرح الطحاوية (96/ 8) .
خلاصة البحث :
ومن خلال استعراض حيثيات البحث السابق تبين للباحث الأمور التالية :
1- أن هنا فرقاً بين الراقي والراقي المعالج قد يغفل عنه كثير من الناس.
2- أن الراقي المعالج أعم وأشمل من الراقي الذي يقتصر عمله على الرقية فقط .
3- أجاز العلماء فتح مراكز علاجية للراقي المعالج وأخذ الأجرة ، ولكنهم اختلفوا في حكم التفرغ والتخصص وأخذ الأجرة من قبل الراقي بين مجيز ومانع مع ترجيح الباحث للمنع .
4- لا أنصح الأخوة الرقاة أن ينصبوا أنفسهم لرقية الناس ، بل ينبغي عليهم أن يعلموا الناس ويرشدوهم إلى رقية أنفسهم وذويهم ، كون العلاج بالرقية الشرعية لا يقتصر على أناس بعينهم .
وكما هو معلوم أن من دواعي الشفاء بالرقية الشرعية الإخلاص والتوجه إلى الله تعالى ، وعليه فإن الإخلاص والتوجه إلى الله الذي يكون عند المريض وذويه أنفع وأكمل من الراقي وغيرة ، فكلما قرأ الشخص على ذويه كان أنفع ، وكلما قرأ الشخص المصاب على نفسه كان أنفع وأنجع بإذن الله تعالى .
5- لقد أسهم هذا البحث في توجيه العامة لرقية أنفسهم وذويهم ، وفيه سدُ لذرائع حذر منها العلماء ، وفيه سدُ أيضاً لفتح باب طالما حذرنا منه وهو فتح باب الوهم على الناس .
6- أسهم هذا البحث في حث الرقاة على أن يكونوا رقاة معالجين ، فينهلوا من علوم الشرع والطب لينفعوا الناس ولا يبقى عملهم مقتصراً على الرقية فقط .
تم بحمد الله تعالى
وكتبه / عمر خضر أبوجربوع
الأربعاء الموافق :
10 / 4 2013
الساعة السابعة والنصف مساء.
الأربعاء الموافق :
10 / 4 2013
الساعة السابعة والنصف مساء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق