نطق الجان على لسان الأطفال
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم :
وبعد :
لقد سألت أكثر من مرة عن إمكانية دخول الجان في أجساد الأطفال الصغار ما دون السابعة وعن إمكانية إن ينطق على لسان الصغار وأيضا عن ظهور الحركات على الأطفال أثناء الرقية.
لذا فإنني أجد طرح هذه الأسئلة تحديدا والإجابة عليها فرصة سانحة لبيان قضية مهمة جدا تحد من غلو الرقاة في نسب الأمراض النفسية والعضوية للجن والشياطين وأخص هنا قضية النطق والحركات التي تظهر على المصاب عند الرقية.
أولاً : مسألة دخول الجني في بدن الأطفال دون السابعة :
الذي عليه عامة علماء الأمة والرقاة أنه لا مانع شرعا ولا عقلا من دخول الجني في جسم الطفل الصغير ما دون السابعة وقد شذ القليل من الرقاة وقالوا بعدم دخوله ويعد هذا القول شذوذا لا يعتد به وذلك لوجود النصوص الشرعية الثابتة سندا ومتنا عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أذكرمنها :
عن يعلى بن مرة - رضي الله عنه - قال : ( رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا ما رآها أحد قبلي ، ولا يراها أحد بعدي ، لقد خرجت معه في سفر حتى إذا كنا ببعض الطريق مررنا بامرأة جالسة معها صبي لها ، فقالت يا رسول الله : هذا الصبي أصابه بلاء وأصابنا منه بلاء ، يؤخذ في اليوم لا أدري كم مرة ، قال : ( ناولينيه ) ، فرفعته إليه ، فجعله بينه وبين واسطة الرحل ، ثم فغر ( فاه ) ، فنفث فيه ثلاثا ، وقال : ( بسم الله، أنا عبدالله ، اخسأ عدو الله ) ، ثم ناولها إياه ، فقال : ( ألقينا في الرجعة في هذا المكان ، فأخبرينا ما فعل ) ، قال : فذهبنا ورجعنا فوجدناها في ذلك المكان معها ثلاث شياة ، فقال ( ما فعل صبيك؟ ) فقالت : والذي بعثك بالحق ما حسسنا منه شيئا حتى الساعة، فاجترر هذه الغنم ، قال : انزل خذ منها واحدة ورد البقية) 1 .
والشاهد في الحديث أنه صبي ومعلوم أن الصبِي هو الصغير دون الغلام أو من لَم يفطَم بعد قال تعالى : ( يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وءَاتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) ، ( قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ) .
ثانياً : مسألة نطق الجني على لسان الصغير ما دون السابعة :
وهذه المسألة تابعة لقضية نطق الجان على لسان الإنسان بشكل عام صغيرا كان أو كبيرا والذي عليه عموم الرقاة أن الجان يتكلم على لسان الكبير وتوقف بعضهم في إمكانية نطقه على لسان الطفل الصغير والذي أراه أنه لا فارق بين أن ينطق الجني على لسان الصغير كما ينطق على لسان الكبير ولا فارق بينهما البتة .
فمن أثبت إمكانية نطق الجني على لسان الكبير ونفاه عن الطفل الصغير يلزمه الدليل ولا دليل .
ومن باب الأمانة العلمية فقد استدل بعضهم أن الجني لا ينطق على لسان الطفل الصغير بسبب عدم اكتمال جهازه الصبي وهذا القول لا يصلح للاحتجاج فنرد عليهم أن الأطباء أصحاب الاختصاص يقولون أنه لا علاقة بين اكتمال الجهاز العصبي وعملية النطق عن الأطفال وأن هناك من الأطفال من يتكلم على سنتين أو ثلاثة .
ثالثاً : مسألة ظهور الحركات عند الأطفال أثناء الرقية :
فإنه لا مانع من ظهور الحركات عند الأطفال أثناء الرقية خصوصاً وأننا أثبتنا إمكانية دخول الجن في بدن الصغير فالقول في ظهور الحركات كالقول في مسألة دخول الجن في جسم الصغير وكذلك مسألة إمكانية النطق على اللسان .
وبعد أن أجبنا عن هذه الأسئلة وبيان رأينا في هذه القضية لا بد من ذكر وبيان الأمر الأهم في هذا الموضوع وهو :
بيان غلو الرقاة في مسألة نطق الجان والحركات التي تصدر عند الرقية وإلصاقها بالجني :
ومما يستدل به على غلو الرقاة في نسب الأمراض العضوية والنفسية للجن والشياطين مسألة النطق والحركات التي تظهر عند الرقية على البعض حيث ظهر جليا أن كثير من الرقاة ليس عندهم القدرة على التمييز بين نطق الجن على اللسان ونطق العقل الباطن وكذلك الحركات أهي بسبب الجن أو الوهم والإيحاء .
وكنت قد بينت في مقالاتي السابقة أدلة واضحة صريحة وقاطعة تميز نطق الجن عن غيره وأذكرها منها ثلاثة أمور:
أولاً
: إذا صدر من المصاب كلاما على لسانه بلغة غير لغة المصاب ( انجليزي ، هندي ، سرياني ، تركي .....الخ ) وعلمنا أيضا أن هذه اللغة التي تكلم بها المصاب لغة حقيقية ومنضبطة وطال كلامه بها وليست عبارة عن مفردات يسيره ثم بعد ذلك علمنا وتبين لنا عدم معرفة المصاب بهذه اللغة نجزم حينها بأن الذي يتكلم على لسان المصاب هو جني وإلا فإنه يكون من العقل الباطن (اللاوعي ) .
ثانياً
: يقوم المعالج بطرح مجموعة من الأسئلة على المتكلم بلسان المصاب حول الأمور المتعلقة بالجن وعالمهم كأن يسأله عن اسم قبيلته واسم زعيم قبيلته ومكان تواجد هذه القبيلة وكم عددها إلى غير ذلك من مثل هذه الأسئلة .
فمن المعلوم أن العقل الباطن إن لم يكن صاحبه درس واطلع على هذا العلوم المتعلقة بالجن وعالمهم وأحوالهم فإنه لا يستطيع أن يجيب عن مثل هذه الأسئلة وعليه فإن عجز المتكلم على لسان المصاب عن الإجابة على هذه الأسئلة فإننا نستطيع أن نجزم حينها بأن المتكلم ليس بجني وإنما هو العقل الباطن ( اللاوعي ) ويلاحظ هنا أن معظم الناس وأغلبهم ليس لهم دراية أو علم بعالم الجن وما يتعلق بهم ويخصهم ومن خلال تجربتي العملية مع المرضى أيضا وجدت أن جميع المرضى عند الإجابة عن عالم الجن يتهربون ويتعالون عن الإجابة وهنا أمر هام أنبه عليه وهو إنه يستطيع المعالج الحاذق المتمرس أن يستغل الوضع ويملي على الجن إجابات خاطئة ليس لها صله بعالم الجن ويطلب من المتكلم على لسان المصاب أن يوافق على هذه الإجابات أو يختار منها ليوقعه في المصيدة وبعد ذلك يقوم المعالج بإقناع المصاب والحاضرين بأن المتكلم على لسان المصاب ليس بجني أبدا ولو كان كذلك لعلم المعلومات عن قومه وعشيرته كما يعلم أحدنا عن عشيرته وقرابته.
ثالثاً :
طرح أسئله على المتكلم بلسان المصاب متعلقة بعلم الغيب الحاضر الذي يعلمه الجني ولا يعلمه الإنسي كأن يسأله عما يوجد في جيب المعالج أو ما يوجد في الغرفة الأخرى فإن مثل هذه الأمور الأصل أنه يجب أن يعرفها
الجني لخفائه واتصاله بعلم الغيب الحاضر ولا يمكن للعقل الباطن أن يتعرف عليها.
وأذكر مثالا آخر على ذلك أنه لو قام المعالج بسؤال المتكلم على لسان المصاب عن مكان السحر فإن هذا يعد من علم الغيب الحاضر الذي يعلمه الجني ولا يعلمه العقل الباطن(اللاوعي) فإن دلنا بصدق على مكان السحر ووجدنا كما أخبرنا وعثرنا عليه فنعلم حينها ونجزم بأنه جني وإن كان غير ذلك فنقول إنه ليس بجني.
الحد من غلوا الرقاة بمناسبة هذه الأسئلة :
بعد أن بينا رأينا ومنهجنا في الإجابة عن الأسئلة السابقة وتبين لنا إمكانية دخول الجني في جسم الأطفال وإمكانية أن ينطق على لسانهم وكذلك إمكانية حدوث الحركات عندهم فلا بد التنبيه هنا على أمر هام وهو أن الإمكانية شيء وحدوثها وكثرتها شيء آخر فمع وجود هذه الإمكانية فلم تدون حالات وقوع نطق جني على لسان الأطفال الصغار أو ظهور حركات بشهادة الأخوة الرقاة أنفسهم وإني لاجد أن هذه فرصة سانحة للحد من غلوة بعض الرقاة في نسبة نطق الجني على لسان الإنسان فيقال لهؤلاء الرقاة :
• هل سأل أحدكم نفسه لماذا ينطق الجني على لسان الكبير ولم يثبت انه نطق على لسان الطفل الصغير لا في نصوص شرعية ولا في أقوال السلف رضوان الله عليهم ولا في شهادة الرقاة أنفسهم مع إمكانية حدوث ذلك ولا مانع من حدوثه شرعا ولا عقلا ؟!!! .
ألا يدل ذلك على أن هذا الأمر له علاقة بالإيحاء والعقل الباطن ذلك أن الصغير يختلف عن الكبير والصغير معلوم أن لا يتأثر بالإيحاء البتة .
• وهل سأل أحدكم نفسه لماذا تصدر الحركات أثناء الرقية عند الكبار ولم يثبت أنها حدثت عند الأطفال الصغار ؟!!
ألا يدل ذلك أيضا على أن الأمر متعلق بالعقل الباطن ومدى استجابة الطفل الصغير بالإيحاء ونعني بتأثير العقل الباطن والإيحاء أن الكبير يختزن في عقله معلومات وقصص كثيرة حول المس والتلبس وغيره بعكس الطفل الصغير فبعض الناس إيحائيين بمعنى أنهم يتعاملون مع هذه الأشياء المختزنه في عقولهم وذواتهم على أنها حقائق فتصدر منهم الأقوال والحركات فقد ثبت في بحوثات علمية وطبية كثيرة أن العقل الباطن يتحكم بتصرفات الإنسان بنسبة تفوق التسعين بالمائة وكذلك تحكمه بسرعة دقات القلب الى غير ذلك كثير.
الخلاصة :
فإنه ينبغي على الرقاة خصوصا وعامة الناس عموما التفكر بمثل هذه الأسئلة وخاصة لماذا ينطق الجني على لسان الكبير ولا ينطق على لسان الطفل الصغير ولم تصدر الحركات أثناء الرقية على الكبير دون الصغير فإن من يتأمل ذلك ليجد مصداق ما ذهبنا إليه وأيدا به علماء الأمة الأجلاء وهو ندرة حدوث المس الشيطاني ونطقه على لسان المريض وظهور الحركات ونسبها للجن والشياطين .
وقضية عدم ظهور الحركات والنطق على الأطفال الصغار أثناء الرقية الشرعية يعد من أكبر الأدلة على غلوا بعض الرقاة ويعد أيضا من أكبر الأدلة على تأثير العقل الباطن والإيحاء على الكثير من المصابين فحري بنا نحن معشر الرقاة أن نكون معتدلين ومتقين لله تعالى فيما نقول ونعمل وأن لا نغالي في نسب الأمراض العضوية والنفسية للجن والشياطين.
هذا والله تعالى أعلم وأحكم
وكتبه / عمر أبوجربوع
السبت الموفق 1 / 3 / 2014
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم :
وبعد :
لقد سألت أكثر من مرة عن إمكانية دخول الجان في أجساد الأطفال الصغار ما دون السابعة وعن إمكانية إن ينطق على لسان الصغار وأيضا عن ظهور الحركات على الأطفال أثناء الرقية.
لذا فإنني أجد طرح هذه الأسئلة تحديدا والإجابة عليها فرصة سانحة لبيان قضية مهمة جدا تحد من غلو الرقاة في نسب الأمراض النفسية والعضوية للجن والشياطين وأخص هنا قضية النطق والحركات التي تظهر على المصاب عند الرقية.
أولاً : مسألة دخول الجني في بدن الأطفال دون السابعة :
الذي عليه عامة علماء الأمة والرقاة أنه لا مانع شرعا ولا عقلا من دخول الجني في جسم الطفل الصغير ما دون السابعة وقد شذ القليل من الرقاة وقالوا بعدم دخوله ويعد هذا القول شذوذا لا يعتد به وذلك لوجود النصوص الشرعية الثابتة سندا ومتنا عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أذكرمنها :
عن يعلى بن مرة - رضي الله عنه - قال : ( رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا ما رآها أحد قبلي ، ولا يراها أحد بعدي ، لقد خرجت معه في سفر حتى إذا كنا ببعض الطريق مررنا بامرأة جالسة معها صبي لها ، فقالت يا رسول الله : هذا الصبي أصابه بلاء وأصابنا منه بلاء ، يؤخذ في اليوم لا أدري كم مرة ، قال : ( ناولينيه ) ، فرفعته إليه ، فجعله بينه وبين واسطة الرحل ، ثم فغر ( فاه ) ، فنفث فيه ثلاثا ، وقال : ( بسم الله، أنا عبدالله ، اخسأ عدو الله ) ، ثم ناولها إياه ، فقال : ( ألقينا في الرجعة في هذا المكان ، فأخبرينا ما فعل ) ، قال : فذهبنا ورجعنا فوجدناها في ذلك المكان معها ثلاث شياة ، فقال ( ما فعل صبيك؟ ) فقالت : والذي بعثك بالحق ما حسسنا منه شيئا حتى الساعة، فاجترر هذه الغنم ، قال : انزل خذ منها واحدة ورد البقية) 1 .
والشاهد في الحديث أنه صبي ومعلوم أن الصبِي هو الصغير دون الغلام أو من لَم يفطَم بعد قال تعالى : ( يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وءَاتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) ، ( قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ) .
ثانياً : مسألة نطق الجني على لسان الصغير ما دون السابعة :
وهذه المسألة تابعة لقضية نطق الجان على لسان الإنسان بشكل عام صغيرا كان أو كبيرا والذي عليه عموم الرقاة أن الجان يتكلم على لسان الكبير وتوقف بعضهم في إمكانية نطقه على لسان الطفل الصغير والذي أراه أنه لا فارق بين أن ينطق الجني على لسان الصغير كما ينطق على لسان الكبير ولا فارق بينهما البتة .
فمن أثبت إمكانية نطق الجني على لسان الكبير ونفاه عن الطفل الصغير يلزمه الدليل ولا دليل .
ومن باب الأمانة العلمية فقد استدل بعضهم أن الجني لا ينطق على لسان الطفل الصغير بسبب عدم اكتمال جهازه الصبي وهذا القول لا يصلح للاحتجاج فنرد عليهم أن الأطباء أصحاب الاختصاص يقولون أنه لا علاقة بين اكتمال الجهاز العصبي وعملية النطق عن الأطفال وأن هناك من الأطفال من يتكلم على سنتين أو ثلاثة .
ثالثاً : مسألة ظهور الحركات عند الأطفال أثناء الرقية :
فإنه لا مانع من ظهور الحركات عند الأطفال أثناء الرقية خصوصاً وأننا أثبتنا إمكانية دخول الجن في بدن الصغير فالقول في ظهور الحركات كالقول في مسألة دخول الجن في جسم الصغير وكذلك مسألة إمكانية النطق على اللسان .
وبعد أن أجبنا عن هذه الأسئلة وبيان رأينا في هذه القضية لا بد من ذكر وبيان الأمر الأهم في هذا الموضوع وهو :
بيان غلو الرقاة في مسألة نطق الجان والحركات التي تصدر عند الرقية وإلصاقها بالجني :
ومما يستدل به على غلو الرقاة في نسب الأمراض العضوية والنفسية للجن والشياطين مسألة النطق والحركات التي تظهر عند الرقية على البعض حيث ظهر جليا أن كثير من الرقاة ليس عندهم القدرة على التمييز بين نطق الجن على اللسان ونطق العقل الباطن وكذلك الحركات أهي بسبب الجن أو الوهم والإيحاء .
وكنت قد بينت في مقالاتي السابقة أدلة واضحة صريحة وقاطعة تميز نطق الجن عن غيره وأذكرها منها ثلاثة أمور:
أولاً
: إذا صدر من المصاب كلاما على لسانه بلغة غير لغة المصاب ( انجليزي ، هندي ، سرياني ، تركي .....الخ ) وعلمنا أيضا أن هذه اللغة التي تكلم بها المصاب لغة حقيقية ومنضبطة وطال كلامه بها وليست عبارة عن مفردات يسيره ثم بعد ذلك علمنا وتبين لنا عدم معرفة المصاب بهذه اللغة نجزم حينها بأن الذي يتكلم على لسان المصاب هو جني وإلا فإنه يكون من العقل الباطن (اللاوعي ) .
ثانياً
: يقوم المعالج بطرح مجموعة من الأسئلة على المتكلم بلسان المصاب حول الأمور المتعلقة بالجن وعالمهم كأن يسأله عن اسم قبيلته واسم زعيم قبيلته ومكان تواجد هذه القبيلة وكم عددها إلى غير ذلك من مثل هذه الأسئلة .
فمن المعلوم أن العقل الباطن إن لم يكن صاحبه درس واطلع على هذا العلوم المتعلقة بالجن وعالمهم وأحوالهم فإنه لا يستطيع أن يجيب عن مثل هذه الأسئلة وعليه فإن عجز المتكلم على لسان المصاب عن الإجابة على هذه الأسئلة فإننا نستطيع أن نجزم حينها بأن المتكلم ليس بجني وإنما هو العقل الباطن ( اللاوعي ) ويلاحظ هنا أن معظم الناس وأغلبهم ليس لهم دراية أو علم بعالم الجن وما يتعلق بهم ويخصهم ومن خلال تجربتي العملية مع المرضى أيضا وجدت أن جميع المرضى عند الإجابة عن عالم الجن يتهربون ويتعالون عن الإجابة وهنا أمر هام أنبه عليه وهو إنه يستطيع المعالج الحاذق المتمرس أن يستغل الوضع ويملي على الجن إجابات خاطئة ليس لها صله بعالم الجن ويطلب من المتكلم على لسان المصاب أن يوافق على هذه الإجابات أو يختار منها ليوقعه في المصيدة وبعد ذلك يقوم المعالج بإقناع المصاب والحاضرين بأن المتكلم على لسان المصاب ليس بجني أبدا ولو كان كذلك لعلم المعلومات عن قومه وعشيرته كما يعلم أحدنا عن عشيرته وقرابته.
ثالثاً :
طرح أسئله على المتكلم بلسان المصاب متعلقة بعلم الغيب الحاضر الذي يعلمه الجني ولا يعلمه الإنسي كأن يسأله عما يوجد في جيب المعالج أو ما يوجد في الغرفة الأخرى فإن مثل هذه الأمور الأصل أنه يجب أن يعرفها
الجني لخفائه واتصاله بعلم الغيب الحاضر ولا يمكن للعقل الباطن أن يتعرف عليها.
وأذكر مثالا آخر على ذلك أنه لو قام المعالج بسؤال المتكلم على لسان المصاب عن مكان السحر فإن هذا يعد من علم الغيب الحاضر الذي يعلمه الجني ولا يعلمه العقل الباطن(اللاوعي) فإن دلنا بصدق على مكان السحر ووجدنا كما أخبرنا وعثرنا عليه فنعلم حينها ونجزم بأنه جني وإن كان غير ذلك فنقول إنه ليس بجني.
الحد من غلوا الرقاة بمناسبة هذه الأسئلة :
بعد أن بينا رأينا ومنهجنا في الإجابة عن الأسئلة السابقة وتبين لنا إمكانية دخول الجني في جسم الأطفال وإمكانية أن ينطق على لسانهم وكذلك إمكانية حدوث الحركات عندهم فلا بد التنبيه هنا على أمر هام وهو أن الإمكانية شيء وحدوثها وكثرتها شيء آخر فمع وجود هذه الإمكانية فلم تدون حالات وقوع نطق جني على لسان الأطفال الصغار أو ظهور حركات بشهادة الأخوة الرقاة أنفسهم وإني لاجد أن هذه فرصة سانحة للحد من غلوة بعض الرقاة في نسبة نطق الجني على لسان الإنسان فيقال لهؤلاء الرقاة :
• هل سأل أحدكم نفسه لماذا ينطق الجني على لسان الكبير ولم يثبت انه نطق على لسان الطفل الصغير لا في نصوص شرعية ولا في أقوال السلف رضوان الله عليهم ولا في شهادة الرقاة أنفسهم مع إمكانية حدوث ذلك ولا مانع من حدوثه شرعا ولا عقلا ؟!!! .
ألا يدل ذلك على أن هذا الأمر له علاقة بالإيحاء والعقل الباطن ذلك أن الصغير يختلف عن الكبير والصغير معلوم أن لا يتأثر بالإيحاء البتة .
• وهل سأل أحدكم نفسه لماذا تصدر الحركات أثناء الرقية عند الكبار ولم يثبت أنها حدثت عند الأطفال الصغار ؟!!
ألا يدل ذلك أيضا على أن الأمر متعلق بالعقل الباطن ومدى استجابة الطفل الصغير بالإيحاء ونعني بتأثير العقل الباطن والإيحاء أن الكبير يختزن في عقله معلومات وقصص كثيرة حول المس والتلبس وغيره بعكس الطفل الصغير فبعض الناس إيحائيين بمعنى أنهم يتعاملون مع هذه الأشياء المختزنه في عقولهم وذواتهم على أنها حقائق فتصدر منهم الأقوال والحركات فقد ثبت في بحوثات علمية وطبية كثيرة أن العقل الباطن يتحكم بتصرفات الإنسان بنسبة تفوق التسعين بالمائة وكذلك تحكمه بسرعة دقات القلب الى غير ذلك كثير.
الخلاصة :
فإنه ينبغي على الرقاة خصوصا وعامة الناس عموما التفكر بمثل هذه الأسئلة وخاصة لماذا ينطق الجني على لسان الكبير ولا ينطق على لسان الطفل الصغير ولم تصدر الحركات أثناء الرقية على الكبير دون الصغير فإن من يتأمل ذلك ليجد مصداق ما ذهبنا إليه وأيدا به علماء الأمة الأجلاء وهو ندرة حدوث المس الشيطاني ونطقه على لسان المريض وظهور الحركات ونسبها للجن والشياطين .
وقضية عدم ظهور الحركات والنطق على الأطفال الصغار أثناء الرقية الشرعية يعد من أكبر الأدلة على غلوا بعض الرقاة ويعد أيضا من أكبر الأدلة على تأثير العقل الباطن والإيحاء على الكثير من المصابين فحري بنا نحن معشر الرقاة أن نكون معتدلين ومتقين لله تعالى فيما نقول ونعمل وأن لا نغالي في نسب الأمراض العضوية والنفسية للجن والشياطين.
هذا والله تعالى أعلم وأحكم
وكتبه / عمر أبوجربوع
السبت الموفق 1 / 3 / 2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق