البيان التفصيلي للعلاج بالطاقه وحيثياته
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
لا ريب أن الكلام في هذا الموضوع ذو مسالك متعدده وشائك نسبياً والوقوف على حقيقة معناه وحكمه الشرعي ليس من السهولة بمكان لذا فإنني أسأل الله تعالى قبل البدء أن يلهمني الصواب وقول الحق هو ولي ذلك ومولاه.
أقول والله الموفق :
ابتداءً : لا بد من القارئ الكريم أن يكون على قدر وعلم في التفريق بين المصطلحات التالية :
العلاج بالرقية الشرعية والعلاج بوضع اليد على مكان الألم والمسح على الجسد
والعلاج بالضغط ( الرفلكسولوجي )
والعلاج بالطاقه وذلك أن كل نوع من هذه العلاجات علم منفصل عن الآخر لذا فإنني سأفرد كل نوع منها ببيان ثم أتبع ذلك ببيان الحكم الشرعي وبيان حكم دمج هذه الأنواع من العلاجات وهذا ما كنت قد وعدت به الأخوة القراء والمتابعين كما وإنني سأتبع ذلك كله بكلمه حول علاج المعالج أبو همام الراقي.
أولاً : العلاج بالرقية الشرعية :
وهي ما يشفى به المريض من الدعاء وما اجتمع فيها ثلاثة أمور*:
* أن تكون بكلام الله أو بأسمائه وصفاته أو المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم .
* ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية شرطاً وهو أن تكون باللسان العربي وما يعرف معناه.
* أن يعتقد أن*الرقية*لا تؤثر بذاتها بل بتقدير الله تعالى .
ولا يختلف إثنان بأن حكمها الجواز وقد فعلها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
ثانياً : العلاج بوضع اليد على مكان الألم والمسح على الجسد.
لقد ثبت في النصوص الشرعية مشروعية الاستشفاء بوضع اليد على مكان الألم والمسح على الجسد مع الرقية ففي الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ*صلى الله عليه وسلم*وَجَعًا يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ مُنْذُ أَن أسْلَمَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم*ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ وَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ ثَلاثًا وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَعُوذُ بِاللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ*.
*وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ*كَانَ رَسُولُ اللَّهِ*صلى الله عليه وسلم*إِذَا اشْتَكَى مِنَّا إِنْسَانٌ مَسَحَهُ بِيَمِينِهِ ثُمَّ قَالَ أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لا شِفَاءَ إِلا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا*...
ولقد بين علماؤنا الأجلاء الحكمه وضع اليد على مكان الألم والمسح على الجسد فقد قال الحافظ بن حجر في الفتح*.
قال ابن بطال في وضع اليد على المريض : تأنيس له وتعرف لشدة مرضه ليدعوا له بالعافية على حسب ما يبدوا له منه وربما رقاه بيده ومسح على ألمـه بما ينتفع به العليل إذا كان العائد صالحا ). ( فتح الباري - 10 / 126 ).
وقال النووي- رحمه الله تعالى -: ( قولها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتكـى منا إنسان مسحه بيمينه ، ثم قال " أذهب الباس " إلى آخره فيه استحباب مسح المريض باليمين ، والدعاء له ، ومعنى " لا يغادر سقما " أي لا يتـرك ، والسقم بضم السين وإسكان القاف ، وبفتحهما ، لغتان ). ( صحيح مسلم بشرح النووي - 13،14،15 / 351 ).
مع التنبيه هنا أنه لا يجوز للراقي أن يلمس أو أن يضع يده على أي جزء من جسم المرأة لثبوت الأدلة النقلية في ذلك.
ثالثاً : العلاج بالضغط على أماكن معينه في الجسم ( الرفلكسولوجي ) .
وهو علم يهتم بدراسة وممارسة الضغط بطريقة علمية على نقاط معينه في الجسم وخاصة في اليدين والقدمين أو بما يسمى مناطق ردات الأفعال الإنعكاسية المتصله بالأعصاب والغدد وقد تعمل هذه الأمور على تنشيط والأعصاب وبقية أعضاء الجسم وجريان الدورة الدموية وتخليص الجسم من التوترات النفسيه والعقلية.
وحكمنا الشرعي على العلاج بالضغط ( الرفلكسولوجي ) هو الجواز ولا مانع من استخدامة ذلك أنه علاج حسي وواقعي ثابت نفعه ولا يوجد فيه أي مخالفة شرعية ولم ينكره أحد من علماؤنا الأجلاء وله شاهد في ديننا الحنيف "فعن عبد الله بن بريدة:*أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رحل إلى فضالة ابن عُبيد وهو بمصر. فقدم عليه فقال: أما إني لم آتك زائراً؛ ولكنِّي سمعت أنا وأنت حديثاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم، رجوت أن يكون عندكم منه علمٌ. قال: وما هو؟ قال: كذا وكذا. قال: فما لي أراك شعِثاً، وأنت أمير الأرض؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهانا عن كثيرٍ من الإرفاه. قال: فما لي لا أرى عليك حذاءً !؟ قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نحتفي أحياناً". صححه الألباني في صحيح أبي داود( 4190).
هذا وقد ثبت طبيا وفق دراسات علمية أجريت أنه يخفف آلام الروماتيزم والتهاب المفاصل ويخفف مقدار ضغط الدم ويحث الكبد والقولون والجلد والرئتين على القيام بوظائفهم الحيوية ويستخرج السموم الموجودة فيها بعيدا عن الجسم.
رابعاً : العلاج بالطاقة (تعريفه وحكمه)
ظهرت أسماء متعددة تدل على علم الطاقة نذكر منها :
التشي كونج، والبرانا، والريكي، والإسقاط النجمي وهي مصطلحات بعضها صيني ك ( تشي كونج ) و ( الريكي ) وبعضها سنسكريتي هندي وهو مصطلح ( ألبرانا ) وكلها مصطلحات تدل على علم الطاقة.
وللوقوف على المفهوم الصحيح لعلم الطاقة لا بد من إعطاء نبذة مختصرة عن كل مصطلح من هذه المصطلحات :
أولاً : التشي كونج
وهو مصطلح صيني بوذي مشتق من التشي والذي يعني في لغتهم الكون والإنسجام حيث يرون أن كل حي أو كل ما في الكون له موجات كهروروحية أو طاقة حيوية ويمكن لهذه الطاقة أن تتحول إلى مادة ويمكن أن تتدفق هذه الطاقة للإنسان فتدخل الجسم الأثيري للإنسان وذلك عبر تدريبات صينية معينة.
ثانياً : الريكي
وهو مصطلح صيني بوذي طوره العالم البوذي ميكاواسوي وهو عالم طب وروحانيات سنة 1922م وقد كان يقصد به الممارسة الروحانية وكان تركيزه على الشفاء بكف اليد.
وتنقسم "الطاقة الكونية" إلى طاقة إيجابية وهي الموجودة في الحب والسلام والطمأنينة ونحوها ، وطاقة سلبية وهي الموجودة في الكره والخوف والحروب ونحوها.
ثالثاً : ألبرانا
وهو مصطلح هندي دال على الطاقة منتشر في الهند حيث يرى أهله أن الطاقة تستمد من الشمس والأرض والماء والهواء وأن جسم الإنسان قادر على استقبال هذه الطاقة وأن الوسائل العلاجية قادرة على تزويد الجسم بالطاقة.
رابعاً : بنوما
وهو مصطله دال على الطاقة عند الأفارقة.
خامساً : هالة الجسم وهو مصطلح يوناني يعني أن جسم الإنسان محاط بجسم أثيري اشعاعي ضوئي ينتشر حول الجسم على بعد قدم وله ألوان متعددة ودرجة ألوانه دالة على صحة الجسم أو عدم صحته ويزعمون أنه يمكن للناس ذووا الجلاء البصري أن يروه بالعين المجردة وهو بمثابة سجل تدون فيه رغبات الإنسان وميوله ورقيه الفكري والروحي.
سادساً : التشاكرا
وهو مصطلح دال على الطاقة حيث يعبر بالتشاكرا عن مركز الطاقة السادس أو الحدس ويرى أصحابه أنه متصل بالغدة الصنوبرية التي موقعها في منتصف الجبين ويعبر عن البصيرة الروحانية التي من خصائصها الرؤية لغير المحسوس والقدرة على توقع المستقبل ومعرفة الحوادث وقراءة الأفكار وتحريك الأشياء بالنظر واستحضار الماضي حيث يرون أن هناك ما يسمى بالعين الثالثة تتدفق عليها الطاقة فإذا فتحت رأت هذه الاشياء.
سابعا : الإسقاط النجي
وهو مصطلح تابع لعلم الطاقة حيث يعني به أصحابه أن لجسد الإنسان جسد أثيري يمكنه الخروج عن بدن الإنسان بشكل إرادي في حال الليقظه ويبقى قريب من الجسم المادي ويتعلق به بجزء لونه فضي كما ويمكن لهذا الجسد الأثيري أن يبقى يقظا في حال نوم الانسان وبخروج هذا الجسد الأثيري يمكن لصاحبه المشاهدة عن بعد والتخاطر وخروج الجسد الأثيري إلى أماكن بعيدة ورجعته إلى الجسم المادي.
الحكم الشرعي للعلاج بالطاقة :
وبعد البيان لمفهوم الطاقة ومصطلحاته وحيثياته ونتائجه فإنه ومن خلال ذلك يتبين لنا أن العلاج بالطاقة أمر لا يجوز شرعاً وذلك للأسباب التالية :
1- أن العلاج بالطاقة يهدف إلى توقع المستقبل وقراءة أفكار الآخرين ومعرفة الحقائق الغائبة ولا شك أن هذه الأمور من علم الغيب الذي لم يطلع عليه بشر قال تعالى ( قُلْ لَا يَعْلَمُ*مَنْ فِي*السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ) وإن إدعاء مثل هذه الأمور مخالف للعلم اليقيني بما في القرآن الكريم.
2- كما ويهدف العلاج بعلم الطاقة إلى استحضار الماضي أو رجوع الإنسان إلى الماضي أو رجوع الأجسام الأثيرية للأموات إلى الحياة الدنيا ولا شك أن هذا من العقائد الفاسدة التي تخالف ديننا ويلاحظ عليها الجذور الوثنية والبوذية والعقائد الأممية الفاسدة.
3- وأيضاً يهدف العلاج بالطاقة إلى خروج الروح في حال الليقظه وابتعادها عن جسم الإنسان حيث تشاهد الأشياء ثم تعود إلى الجسد بعد أن شاهدت الأمور عن بعد ولا شك ولا ريب أن هذه الأمور الخرافية التي لا يقرها شرع ولا علم ولا تقع تحت الحس بتاتاً وهو مما ينكره الشرع.
4- إن غالب قواعد أمور العلاج بالطاقة أمور خرافية ليس لها مستند ديني أو مستند علمي ولا يمكن الوقوف على حقيقة أمره بل هو بالنظريات أشبه من الحقائق ومثال ذلك الهالة الأثيرية حول الجسم حيث يدعي البعض أنه يمكن الوقوف عليها وتصويرها بينما يرى البعض الآخر أنها غير صحيحة وأن ما ظهر في التصوير هو عبارة عن طاقة يصدرها الجهاز المصور وعلية فإنه يمكن القول أن هذه لم تثبت كحقيقة علمية قطعية.
5- حاول البعض أن يستغل ويخترق هذه العلوم ويضيفها لمعالجة الأمراض الروحية ( عين، حسد،سحر،مس) والذي يجب التنبيه عليه أن عالم الجن والشياطين عالم غيبي ومصادر العلم في هذه الأمور يكون من جهة الشرع وإلا كان ضربا من التقول بلا علم.
6- من المعلوم أن العلاج بالطاقة خرج من رحم البوذية والوثنية والهندوسية والأفارقة وغيرهم ولم ينسبوه لعلاج المس والسحر وإنما ادعوا أنها علوم مادية وإن كانت غير مرئية فلا مانع مستقبلاً أن تتحول الطاقة إلى مادة بحد زعمهم.
والخلاصة:
بناء على ما سبق ببيان وتفصيل أرى أن العلاج بالطاقة لا يجوز شرعاً.
خامساً : حكم الدمج بين هذه الطرق العلاجية.
١- حكم دمج الرقية مع المسح ووضع اليد ووضع اليد على مكان الألم ثابت كليهما فقد ورد من النصوص الشرعية ما يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد جمع بينهما.
2- حكم دمج الرقية مع العلاج بالضغط ( الرفلكسولوجي ) جائز شرعاً (حسب رأيي) ذلك أنه علاج قائم بذاته وهو علم واقعي لا ينبني على الخيال بعيدا كل البعد الخرافات وقد ثبت علمياً وطبيا نفعه ولم يعترض عليه علماؤنا الأجلاء ويدخل من باب الطب المحسوس.
3- حكم دمج الرقية مع العلاج بالطاقة لا يجوز شرعاً لم بينت سابقاً من أن العلاج بالطاقة مبني على عقائد فاسدة وخرافات غير واقعية ومفاسدة كبيرة جدا حيث أنه يدخل في علم الغيبيات وقد شنع عليه العلماء.
ملاحظه :
فلا يجوز لسائل أن يسأل لم أجزتم دمج الرقية مع المسح ووضع اليد على مكان الألم ومنعتم دمجها مع العلاج بالطاقة ذلك أن دمج الرقية مع العلاج بالضغط ووضع اليد والمسح على مكان الألم ثابت شرعاً وفعله النبي صلى الله عليه وسلم وهو مباح شرعاً ولم يتطرق أحد من العلماء لتحريمه وله شاهد من الشرع ( أمرنا أن نحتفي أحياناً) وأما دمج الرقية في العلاج بالطاقة فهو غير جائز لأنه ثبت أنه خرافي ومقرون بعقائد فاسدة مخالفة لشرع الله.
سادساً : وفيما يتعلق بالمعالج الأخ أبي همام الراقي :
فإنه وللأمانة العلمية لم أطلع على جميع ما كتب ولست ممن يتابع مقالاته وإنما كنت قد اطلعت على جزء يسير بخصوص الضغط ووضع اليد على بعض النقاط في الجسم وأنه سمى ذلك باللمسة الشفائية وكنت قد علقت بمقال سابق وأجزت فيه وضع اليد والضغط على مكان الألم مع الرقية بناءً على تصوري أن المقصود باللمسة الشفائية عنده العلاج بالضغط والمسح ووضع اليد.
وبعد مراجعة بعض الأخوة لي وتنبيهي أن الشيخ أباهمام الراقي له طرق علاجية متعددة لا تقتصر على العلاج بالضغط والمسح ووضع اليد فحسب بل تمتد للعلاج بالطاقة وعليه:
فإنني أقول هنا قول الحق التي لا أخشى في الله لومة لائم إن حكمي على طرق الأخ أبي همام الراقي العلاجية مقيد بشروط وهي :
أنه إذا كان يدمج العلاج بالرقية الشرعية بالعلاج بوضع اليد والمسح والضغط على مكان الألم الرجال دون النساء فهذا أمر نجيزه ونقره عليه ولا شئ في ذلك شرعاً.
وأما إن كان الشيخ يستعمل العلاج بالطاقة تحت مسمى اللمسة الشفائية ويدمجه مع الرقية فإننا عندئذ لا نقره على ذلك وننصحة أن يترك ذلك على الفور وليسعه ما وسع سلفنا الصالح رضوان الله عليهم جميعاً.
فهذه نصيحة مني أقدمها للشيخ الأخ أبي همام الراقي أن يكتب مقالا خطيا يوضح فيه طريقته العلاجية بخصوص اللمسة الشفائية ويبعث به لعلماؤنا الأجلاء وحينها يتضح الأمر للجميع فرحم الله أمرئ قد جب الغيبة عن نفسه
وفي الختام :
أنصح نفسي المقصره وأخواني القراء أن لا يتلقفوا الكلام على غير عواهنه وأن لا يتسرعوا في الحكم على الآخرين وأن يكونوا صادقين في النقل مفاتيحا للخير مغاليق للشر وأن يجعلوا للتناصح بينهم مكاناً وعدم التسرع في تجريح بعضنا البعض وأن تكون تقوى الله تعالى هي ميزة علاقاتنا وأحكامنا والله ولي ذلك وقادر عليه
هذا والله تعالى أعلم وأحكم فما كان في مقالي هذا*من صواب فمن الله تعالى وما كان فيه من خطأ فمن نفسي ومن الشيطان والله ورسوله منه بريئان وحسبي أني اجتهدت والمجتهد في فنه مغفور له بإذن الله .
كتبه / عمر ابوجربوع
الأحد الموافق 20 / 9 / 2015
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
لا ريب أن الكلام في هذا الموضوع ذو مسالك متعدده وشائك نسبياً والوقوف على حقيقة معناه وحكمه الشرعي ليس من السهولة بمكان لذا فإنني أسأل الله تعالى قبل البدء أن يلهمني الصواب وقول الحق هو ولي ذلك ومولاه.
أقول والله الموفق :
ابتداءً : لا بد من القارئ الكريم أن يكون على قدر وعلم في التفريق بين المصطلحات التالية :
العلاج بالرقية الشرعية والعلاج بوضع اليد على مكان الألم والمسح على الجسد
والعلاج بالضغط ( الرفلكسولوجي )
والعلاج بالطاقه وذلك أن كل نوع من هذه العلاجات علم منفصل عن الآخر لذا فإنني سأفرد كل نوع منها ببيان ثم أتبع ذلك ببيان الحكم الشرعي وبيان حكم دمج هذه الأنواع من العلاجات وهذا ما كنت قد وعدت به الأخوة القراء والمتابعين كما وإنني سأتبع ذلك كله بكلمه حول علاج المعالج أبو همام الراقي.
أولاً : العلاج بالرقية الشرعية :
وهي ما يشفى به المريض من الدعاء وما اجتمع فيها ثلاثة أمور*:
* أن تكون بكلام الله أو بأسمائه وصفاته أو المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم .
* ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية شرطاً وهو أن تكون باللسان العربي وما يعرف معناه.
* أن يعتقد أن*الرقية*لا تؤثر بذاتها بل بتقدير الله تعالى .
ولا يختلف إثنان بأن حكمها الجواز وقد فعلها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
ثانياً : العلاج بوضع اليد على مكان الألم والمسح على الجسد.
لقد ثبت في النصوص الشرعية مشروعية الاستشفاء بوضع اليد على مكان الألم والمسح على الجسد مع الرقية ففي الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ*صلى الله عليه وسلم*وَجَعًا يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ مُنْذُ أَن أسْلَمَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم*ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ وَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ ثَلاثًا وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَعُوذُ بِاللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ*.
*وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ*كَانَ رَسُولُ اللَّهِ*صلى الله عليه وسلم*إِذَا اشْتَكَى مِنَّا إِنْسَانٌ مَسَحَهُ بِيَمِينِهِ ثُمَّ قَالَ أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لا شِفَاءَ إِلا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا*...
ولقد بين علماؤنا الأجلاء الحكمه وضع اليد على مكان الألم والمسح على الجسد فقد قال الحافظ بن حجر في الفتح*.
قال ابن بطال في وضع اليد على المريض : تأنيس له وتعرف لشدة مرضه ليدعوا له بالعافية على حسب ما يبدوا له منه وربما رقاه بيده ومسح على ألمـه بما ينتفع به العليل إذا كان العائد صالحا ). ( فتح الباري - 10 / 126 ).
وقال النووي- رحمه الله تعالى -: ( قولها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتكـى منا إنسان مسحه بيمينه ، ثم قال " أذهب الباس " إلى آخره فيه استحباب مسح المريض باليمين ، والدعاء له ، ومعنى " لا يغادر سقما " أي لا يتـرك ، والسقم بضم السين وإسكان القاف ، وبفتحهما ، لغتان ). ( صحيح مسلم بشرح النووي - 13،14،15 / 351 ).
مع التنبيه هنا أنه لا يجوز للراقي أن يلمس أو أن يضع يده على أي جزء من جسم المرأة لثبوت الأدلة النقلية في ذلك.
ثالثاً : العلاج بالضغط على أماكن معينه في الجسم ( الرفلكسولوجي ) .
وهو علم يهتم بدراسة وممارسة الضغط بطريقة علمية على نقاط معينه في الجسم وخاصة في اليدين والقدمين أو بما يسمى مناطق ردات الأفعال الإنعكاسية المتصله بالأعصاب والغدد وقد تعمل هذه الأمور على تنشيط والأعصاب وبقية أعضاء الجسم وجريان الدورة الدموية وتخليص الجسم من التوترات النفسيه والعقلية.
وحكمنا الشرعي على العلاج بالضغط ( الرفلكسولوجي ) هو الجواز ولا مانع من استخدامة ذلك أنه علاج حسي وواقعي ثابت نفعه ولا يوجد فيه أي مخالفة شرعية ولم ينكره أحد من علماؤنا الأجلاء وله شاهد في ديننا الحنيف "فعن عبد الله بن بريدة:*أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رحل إلى فضالة ابن عُبيد وهو بمصر. فقدم عليه فقال: أما إني لم آتك زائراً؛ ولكنِّي سمعت أنا وأنت حديثاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم، رجوت أن يكون عندكم منه علمٌ. قال: وما هو؟ قال: كذا وكذا. قال: فما لي أراك شعِثاً، وأنت أمير الأرض؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهانا عن كثيرٍ من الإرفاه. قال: فما لي لا أرى عليك حذاءً !؟ قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نحتفي أحياناً". صححه الألباني في صحيح أبي داود( 4190).
هذا وقد ثبت طبيا وفق دراسات علمية أجريت أنه يخفف آلام الروماتيزم والتهاب المفاصل ويخفف مقدار ضغط الدم ويحث الكبد والقولون والجلد والرئتين على القيام بوظائفهم الحيوية ويستخرج السموم الموجودة فيها بعيدا عن الجسم.
رابعاً : العلاج بالطاقة (تعريفه وحكمه)
ظهرت أسماء متعددة تدل على علم الطاقة نذكر منها :
التشي كونج، والبرانا، والريكي، والإسقاط النجمي وهي مصطلحات بعضها صيني ك ( تشي كونج ) و ( الريكي ) وبعضها سنسكريتي هندي وهو مصطلح ( ألبرانا ) وكلها مصطلحات تدل على علم الطاقة.
وللوقوف على المفهوم الصحيح لعلم الطاقة لا بد من إعطاء نبذة مختصرة عن كل مصطلح من هذه المصطلحات :
أولاً : التشي كونج
وهو مصطلح صيني بوذي مشتق من التشي والذي يعني في لغتهم الكون والإنسجام حيث يرون أن كل حي أو كل ما في الكون له موجات كهروروحية أو طاقة حيوية ويمكن لهذه الطاقة أن تتحول إلى مادة ويمكن أن تتدفق هذه الطاقة للإنسان فتدخل الجسم الأثيري للإنسان وذلك عبر تدريبات صينية معينة.
ثانياً : الريكي
وهو مصطلح صيني بوذي طوره العالم البوذي ميكاواسوي وهو عالم طب وروحانيات سنة 1922م وقد كان يقصد به الممارسة الروحانية وكان تركيزه على الشفاء بكف اليد.
وتنقسم "الطاقة الكونية" إلى طاقة إيجابية وهي الموجودة في الحب والسلام والطمأنينة ونحوها ، وطاقة سلبية وهي الموجودة في الكره والخوف والحروب ونحوها.
ثالثاً : ألبرانا
وهو مصطلح هندي دال على الطاقة منتشر في الهند حيث يرى أهله أن الطاقة تستمد من الشمس والأرض والماء والهواء وأن جسم الإنسان قادر على استقبال هذه الطاقة وأن الوسائل العلاجية قادرة على تزويد الجسم بالطاقة.
رابعاً : بنوما
وهو مصطله دال على الطاقة عند الأفارقة.
خامساً : هالة الجسم وهو مصطلح يوناني يعني أن جسم الإنسان محاط بجسم أثيري اشعاعي ضوئي ينتشر حول الجسم على بعد قدم وله ألوان متعددة ودرجة ألوانه دالة على صحة الجسم أو عدم صحته ويزعمون أنه يمكن للناس ذووا الجلاء البصري أن يروه بالعين المجردة وهو بمثابة سجل تدون فيه رغبات الإنسان وميوله ورقيه الفكري والروحي.
سادساً : التشاكرا
وهو مصطلح دال على الطاقة حيث يعبر بالتشاكرا عن مركز الطاقة السادس أو الحدس ويرى أصحابه أنه متصل بالغدة الصنوبرية التي موقعها في منتصف الجبين ويعبر عن البصيرة الروحانية التي من خصائصها الرؤية لغير المحسوس والقدرة على توقع المستقبل ومعرفة الحوادث وقراءة الأفكار وتحريك الأشياء بالنظر واستحضار الماضي حيث يرون أن هناك ما يسمى بالعين الثالثة تتدفق عليها الطاقة فإذا فتحت رأت هذه الاشياء.
سابعا : الإسقاط النجي
وهو مصطلح تابع لعلم الطاقة حيث يعني به أصحابه أن لجسد الإنسان جسد أثيري يمكنه الخروج عن بدن الإنسان بشكل إرادي في حال الليقظه ويبقى قريب من الجسم المادي ويتعلق به بجزء لونه فضي كما ويمكن لهذا الجسد الأثيري أن يبقى يقظا في حال نوم الانسان وبخروج هذا الجسد الأثيري يمكن لصاحبه المشاهدة عن بعد والتخاطر وخروج الجسد الأثيري إلى أماكن بعيدة ورجعته إلى الجسم المادي.
الحكم الشرعي للعلاج بالطاقة :
وبعد البيان لمفهوم الطاقة ومصطلحاته وحيثياته ونتائجه فإنه ومن خلال ذلك يتبين لنا أن العلاج بالطاقة أمر لا يجوز شرعاً وذلك للأسباب التالية :
1- أن العلاج بالطاقة يهدف إلى توقع المستقبل وقراءة أفكار الآخرين ومعرفة الحقائق الغائبة ولا شك أن هذه الأمور من علم الغيب الذي لم يطلع عليه بشر قال تعالى ( قُلْ لَا يَعْلَمُ*مَنْ فِي*السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ) وإن إدعاء مثل هذه الأمور مخالف للعلم اليقيني بما في القرآن الكريم.
2- كما ويهدف العلاج بعلم الطاقة إلى استحضار الماضي أو رجوع الإنسان إلى الماضي أو رجوع الأجسام الأثيرية للأموات إلى الحياة الدنيا ولا شك أن هذا من العقائد الفاسدة التي تخالف ديننا ويلاحظ عليها الجذور الوثنية والبوذية والعقائد الأممية الفاسدة.
3- وأيضاً يهدف العلاج بالطاقة إلى خروج الروح في حال الليقظه وابتعادها عن جسم الإنسان حيث تشاهد الأشياء ثم تعود إلى الجسد بعد أن شاهدت الأمور عن بعد ولا شك ولا ريب أن هذه الأمور الخرافية التي لا يقرها شرع ولا علم ولا تقع تحت الحس بتاتاً وهو مما ينكره الشرع.
4- إن غالب قواعد أمور العلاج بالطاقة أمور خرافية ليس لها مستند ديني أو مستند علمي ولا يمكن الوقوف على حقيقة أمره بل هو بالنظريات أشبه من الحقائق ومثال ذلك الهالة الأثيرية حول الجسم حيث يدعي البعض أنه يمكن الوقوف عليها وتصويرها بينما يرى البعض الآخر أنها غير صحيحة وأن ما ظهر في التصوير هو عبارة عن طاقة يصدرها الجهاز المصور وعلية فإنه يمكن القول أن هذه لم تثبت كحقيقة علمية قطعية.
5- حاول البعض أن يستغل ويخترق هذه العلوم ويضيفها لمعالجة الأمراض الروحية ( عين، حسد،سحر،مس) والذي يجب التنبيه عليه أن عالم الجن والشياطين عالم غيبي ومصادر العلم في هذه الأمور يكون من جهة الشرع وإلا كان ضربا من التقول بلا علم.
6- من المعلوم أن العلاج بالطاقة خرج من رحم البوذية والوثنية والهندوسية والأفارقة وغيرهم ولم ينسبوه لعلاج المس والسحر وإنما ادعوا أنها علوم مادية وإن كانت غير مرئية فلا مانع مستقبلاً أن تتحول الطاقة إلى مادة بحد زعمهم.
والخلاصة:
بناء على ما سبق ببيان وتفصيل أرى أن العلاج بالطاقة لا يجوز شرعاً.
خامساً : حكم الدمج بين هذه الطرق العلاجية.
١- حكم دمج الرقية مع المسح ووضع اليد ووضع اليد على مكان الألم ثابت كليهما فقد ورد من النصوص الشرعية ما يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد جمع بينهما.
2- حكم دمج الرقية مع العلاج بالضغط ( الرفلكسولوجي ) جائز شرعاً (حسب رأيي) ذلك أنه علاج قائم بذاته وهو علم واقعي لا ينبني على الخيال بعيدا كل البعد الخرافات وقد ثبت علمياً وطبيا نفعه ولم يعترض عليه علماؤنا الأجلاء ويدخل من باب الطب المحسوس.
3- حكم دمج الرقية مع العلاج بالطاقة لا يجوز شرعاً لم بينت سابقاً من أن العلاج بالطاقة مبني على عقائد فاسدة وخرافات غير واقعية ومفاسدة كبيرة جدا حيث أنه يدخل في علم الغيبيات وقد شنع عليه العلماء.
ملاحظه :
فلا يجوز لسائل أن يسأل لم أجزتم دمج الرقية مع المسح ووضع اليد على مكان الألم ومنعتم دمجها مع العلاج بالطاقة ذلك أن دمج الرقية مع العلاج بالضغط ووضع اليد والمسح على مكان الألم ثابت شرعاً وفعله النبي صلى الله عليه وسلم وهو مباح شرعاً ولم يتطرق أحد من العلماء لتحريمه وله شاهد من الشرع ( أمرنا أن نحتفي أحياناً) وأما دمج الرقية في العلاج بالطاقة فهو غير جائز لأنه ثبت أنه خرافي ومقرون بعقائد فاسدة مخالفة لشرع الله.
سادساً : وفيما يتعلق بالمعالج الأخ أبي همام الراقي :
فإنه وللأمانة العلمية لم أطلع على جميع ما كتب ولست ممن يتابع مقالاته وإنما كنت قد اطلعت على جزء يسير بخصوص الضغط ووضع اليد على بعض النقاط في الجسم وأنه سمى ذلك باللمسة الشفائية وكنت قد علقت بمقال سابق وأجزت فيه وضع اليد والضغط على مكان الألم مع الرقية بناءً على تصوري أن المقصود باللمسة الشفائية عنده العلاج بالضغط والمسح ووضع اليد.
وبعد مراجعة بعض الأخوة لي وتنبيهي أن الشيخ أباهمام الراقي له طرق علاجية متعددة لا تقتصر على العلاج بالضغط والمسح ووضع اليد فحسب بل تمتد للعلاج بالطاقة وعليه:
فإنني أقول هنا قول الحق التي لا أخشى في الله لومة لائم إن حكمي على طرق الأخ أبي همام الراقي العلاجية مقيد بشروط وهي :
أنه إذا كان يدمج العلاج بالرقية الشرعية بالعلاج بوضع اليد والمسح والضغط على مكان الألم الرجال دون النساء فهذا أمر نجيزه ونقره عليه ولا شئ في ذلك شرعاً.
وأما إن كان الشيخ يستعمل العلاج بالطاقة تحت مسمى اللمسة الشفائية ويدمجه مع الرقية فإننا عندئذ لا نقره على ذلك وننصحة أن يترك ذلك على الفور وليسعه ما وسع سلفنا الصالح رضوان الله عليهم جميعاً.
فهذه نصيحة مني أقدمها للشيخ الأخ أبي همام الراقي أن يكتب مقالا خطيا يوضح فيه طريقته العلاجية بخصوص اللمسة الشفائية ويبعث به لعلماؤنا الأجلاء وحينها يتضح الأمر للجميع فرحم الله أمرئ قد جب الغيبة عن نفسه
وفي الختام :
أنصح نفسي المقصره وأخواني القراء أن لا يتلقفوا الكلام على غير عواهنه وأن لا يتسرعوا في الحكم على الآخرين وأن يكونوا صادقين في النقل مفاتيحا للخير مغاليق للشر وأن يجعلوا للتناصح بينهم مكاناً وعدم التسرع في تجريح بعضنا البعض وأن تكون تقوى الله تعالى هي ميزة علاقاتنا وأحكامنا والله ولي ذلك وقادر عليه
هذا والله تعالى أعلم وأحكم فما كان في مقالي هذا*من صواب فمن الله تعالى وما كان فيه من خطأ فمن نفسي ومن الشيطان والله ورسوله منه بريئان وحسبي أني اجتهدت والمجتهد في فنه مغفور له بإذن الله .
كتبه / عمر ابوجربوع
الأحد الموافق 20 / 9 / 2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق