الخميس، 17 يناير 2019

مباحث في الرقية الشرعية والأمراض الروحية والعضوية والنفسية عمر ابوجربوع

التوضيحات الجلية لاستعمال الطرق الذهبية في تشخيص الحالة  المرضية :

بعد أن من الله علي ، وكتبت في الطرق الذهبية الثلاث في تشخيص الحالة المرضية ، وانتفع بها كثير من المعالجين ، ولله الحمد ، بدا لي أنه التبس على بعض المعالجين طريقة استعمالها ، مما أثار بعض الشبهات حولها ، فلما رأيت ذلك وجدت أنه يجب علي أن أكتب هذا المقال توضيحاً لاستعمال هذه الطرق الثلاث ورفعاً للالتباس الذي حصل ، خصوصاً وأنني أعدًّ نفسي معالجاً بالرقية الشرعية ، فكما هو معلوم لدى الجميع أن عمل المعالج أعم وأشمل من عمل الراقي فالمعالج يدخل في عمله التشخيص ، وأيضاً تكون له خبره في بعض الأمراض النفسية والعضوية ، ولو الشيء اليسير ويكون مطلعاً على طرق المعالجين ، ومدى شرعيتها ، فهناك الراقي وهناك مدعي الرقية .
أما الراقي فيكون عمله في الرقية فقط ، حيث يستطيع كل شخص أن يكون راقياً ، والرقية لا تقتصر على شخص دون آخر ، ويمكن القول إن المعالج أكثر معرفة من الراقي .

وفيما يلي بيان المقصود من توضيح استعمال الطرق الثلاث الفاحصة :

أولاً : متى تستعمل هذه الطرق ؟

لا شك في أن أنواع الأمراض التي تصيب الناس كثيرة جداً ، ومتنوعة ، فمنها الأمراض العضوية ، والعصبية ، والنفسية ، والروحية ، وهناك وهم يطرأ على بعض المرضى فتظهر عليه علامات المرض وهو في الحقيقة ليس مريضاً .
لذا فإنه يجب على الراقي أن يكون على معرفة تامة بتشخيص المرض عند المريض قبل علاجه ورقيته ، لأنه بتحديد نوع الإصابة يسهل العلاج .
وقد جعل الله تعالى أمارات وأعراضاً دالة على نوع المرض ، لذا يجب على الراقي أن يكون عنده علم بوظائف جسم الإنسان ، وعلم بالطب النفسي ولو الشيء اليسير ، فكلما كان علم الراقي أوسع وأشمل بهذه الأمور كان أنفع للمريض من غيره .
ولذلك فإنه إذا ثبت للراقي أن الإصابة عضويه أو نفسية ، فعليه أمران :
الأمر الأول : أن يرقي المريض بنية الشفاء من كل داء .
والأمر الثاني : أن يوجهه نحو الطبيب المختص ، ويفضل للراقي أن يتابع حالة المريض وألا يتركه .
وإذا ثبت للراقي أن نوع الإصابة روحيه ( عين ، أو سحر ، أو مس ، أو حسد ) فينبغي عليه أن يعالجه بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة النبوية .
ولكن الملاحظ أن كثيراً من الحالات المرضية تعاني من الوهم ، فهي ليست مصابة بالمس الشيطاني ولا هي مريضة عضوياً ، ولا نفسياً ، ومن أجل اكتشاف مثل هذه الحالات وتمييزها عن حالات المس الشيطاني ، فإننا نستخدم معها الطرق الثلاث الفاحصة ، وغير ذلك من الطرق ؛ لنتمكن من الوقوف على حقيقة الأمر ، والأخذ بيد المرضى إلى بر الأمان .
ولا بد من الإشارة إلى أنه يسبق عملية اختبار الحالة المرضية بالطرق الثلاث غلبة ظن المعالج بأن المريض مصاب بحالات الوهم ، ويمكن أن تأتي غلبة الظن لدى المعالج من خلال معرفة كثرة تردد المريض على المعالجين ، وعن طريق توجيه الأسئلة ، فإذا غلب الظن عند المعالج أن المريض مصاب بحالات الوهم ، فإن المعالج يجري علية طرق الاختبار والفحص ذلك أن هذه الطرق تبين لنا حالة الوهم أو تنفيها بإذن الله تعالى .

ثانياً : تأييد استعمال هذه الطرق :

الطريقة الأولى :

مما لا مجال فيه للشك أن الشعر الذي نقرأه على المريض هو من الشعر المباح ، ولا يوجد ما يمنع أن يقرأ الراقي أي كلام آخر مباح ، كمتن من متون  الفقه ، والعقيدة ، وغير ذلك ، ومما لا مجال فيه للشك أنه لا يجوز لنا أن نخلط الشعر بالقرآن ، والهدف من قراءة الشعر والكلام المباح على المريض هو إيهامه بأننا نقرأ عليه القرآن ، فالأصل أن يتأثر المريض بسماع القران لا الشعر ، لأن القران له تأثير على الشياطين ، وليس الشعر ولا سائر الكلام المباح .
وحتى لا نكذب على المريض فإننا لا نخبره بأننا نقرأ القرآن ، وإنما نحتال علية بالحيل المباحة ، أو بالتورية ، كأن نقول له : ( سنقرأ عليك ) ، ولا نحدد له نوع القراءة ، فيظن أننا نقرأ علية القرآن ، ونحن في حقيقة الأمر نقرأ علية من الشعر أو من سائر الكلام المباح .

الطريقة الثانية ( القراءة الصامتة ) :

في هذه الطريقة توهم المريض بأنني أقرأ علية القرآن بصمت ، وفي حقيقة الأمر لا أقرأ عليه شيئاً ، وإنما أبقى صامتاً ، والذي ظهر لي أنه في غالب الحالات يتأثر المريض ويرتجف وينتفض ، وتظهر علية حركات شبيهه تماماً بالأعراض التي ظهرت عليه عند المعالجين من قبلي ، مما يدل على أن هذه الأعراض التي ظهرت ليس لها صله بالمس الشيطاني ، وإنما هي من حالات الوهم .

الطريقة الثالثة ( قراءة القران على مرافقي المريض ) :

هنا نتحايل على المريض لنرى مدى تأثره بالقرآن فنقوم بقراءة القرآن الكريم أمامه وعلى مسمعه ، وذلك عند إخبار المريض بأننا سنقرأ على والده أو أخيه أو مرافقه الذي معه .
الأصل أن المصاب بالمس الشيطاني يتأثر بسماع القرآن وإن لم يقرأ عليه ، وهذا معروف ومعلوم عند جميع المعالجين ، فإذا تبين أن المريض لم يتأثر بقراءة القرآن رغم سماعه ، لعلمه ومعرفته أنه غير مخصوص بالقراءة ، فإنه يتضح أن هذا المريض مصاب بحالات الوهم ، وليس به مس شيطاني ، ولا شك في أن هذه الطريقة قد أكدت ما استنتجه المعالج من الطريقتين الأخريين ، فالمريض تأثر بالشعر ، ولم يتأثر بالقرآن .
ومما يجدر ذكره أنه يفضل للمعالج أن يعلم أهل المريض ومرافقيه بطريقة التحايل على المريض من أجل تشخيص حالته وفحصها فحصاً دقيقاً ، وتمييز الوهم من المس الشيطاني وذلك يكون من خلال أي طريقة يراها المعالج ومنها الإخبار المباشر قبل الجلسة بعيداً عن سماع المريض ومنها أيضاً كتابة مراد المعالج ، على ورقات يعطيها لأهل المريض ، ومرافقيه مبيناً فيها ماذا سيفعله مع المريض ، وكيفية الفحص ، والآثار المترتبة على الفحص حتى يراقب الأهل حالة المريض ،  ويكونوا على قناعة تامة بما ستفضي إليه طريقة الفحص ، مما يزيد ثقة وقناعة الأهل بالمعالج ، وبالحالة التي آل إليها .

ومثال ذلك : أن يكتب المعالج على ورقات ثلاث ، كما يلي :

أ - يكتب الورقة الأولى :
أنا الآن أقرأ الشعر ، ولا أقرأ الرقية ، فلماذا يتأثر المريض ويرتجف ؟ ويقوم المعالج بإعطاء هذه الورقة لأهل المريض أثناء تطبيق هذه الطريقة ، ليكونوا على علم واطلاع على الذي يحدث .

ب - يكتب في الورقة الثانية :
أنا الآن لا أقرأ شيئاً ، وإنما أوهمته أنني أقرأ عليه ، فلماذا يتأثر وينتفض ؟! ويقوم المعالج بإعطاء هذه الورقة لأهل المريض أثناء تطبيق هذه الطريقة ، ليكونوا على علم واطلاع على الذي يحدث .

ج - يكتب المعالج في الورقة الثالثة :
أنا الآن أقرأ الرقية الشرعية ، وهو يسمعها ، فلماذا لم يتأثر ؟! ويقوم المعالج بإعطاء هذه الورقة لأهل المريض أو أحد مرافقيه أثناء تطبيق هذه الطريقة .
وأخيراً أقول للمعالجين :
إن كثيراً من الحالات التي ثبتت من خلال التجربة ، ممن يتأثرون بالشعر ولا يتأثرون بالقرآن ، وما أكثرها ! ولذا فإني أطلب من إخواني المعالجين أن يتساءلوا عن وجود مثل هذه الحالات أليست دالة على وجود حالات الوهم أو حالات التمثيل لأغراض وأهداف شخصية ؟
ثم أليس من واجب الراقي أن يكون حصيفاً بمعرفة الحالات ؟ وأن يميز الإصابة الحقيقية من الإصابة الوهمية ؟ فمن خلال وعي المعالجين واطلاعهم على تشابه بعض أعراض الأمراض مع غيرها ، وفي إجراء مثل هذه الطرق الثلاث الفاحصة وغيرها من الطرق تكون العودة بالرقية إلى مفهومها الصحيح ، وتكون كما كانت عليه في عهد سلفنا الصالح رضوان الله تعالى عليهم .
الرد والبيان على من قال ببطلان الطرق الذهبية :

أودّ أن ألفت الانتباه إلى أنني لما كتبت الطرق الذهبية في تشخيص الحالة المرضية وعرضتها على طلبة العلم والمهتمين بالرقية ، كان ذلك انطلاقاً من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل ))  ، وقد جاءت نتيجة خبره طويلة مع المرضى وقفت فيها على كثير من الحالات التي اكتشفت أنها نوع من الوهم الذي سيطر على المرضى نتيجة جهل بعض المعالجين بالعلاج بالرقية الشرعية .
وبعد أن اطلع عليها أهل الفضل والعلم واستحسنوها ، لم يروا بها بأساً ، وشجعوني على عرضها على المستفيدين والمهتمين بالرقية الشرعية .
ولكن كأي حق قد يواجه باطلاً ، قال تعالى : (( ((((((((((( ((((((((( ((((((( ((((((( ((((((( (((((((((( ((((((( ((((((((((( (((((( (((((((((( (((((( (((((( (((((((( (((((((((( (((((((( ))  . 
وما أن رأت هذه الطرق الثلاثة النور حتى انهالت عليها الردود والشبهات من كل حدب وصوب ، فكان لزاماً علي توضيحاً للحق ودرءاً للشبهات التي طرأت على عقول البعض ، قولهم :
إن طريقة إلقاء الشعر على المريض تجعله يشك في الراقي ، وأنه يستعمل نوعاً من الطلاسم والسحر .
إن قراءة غير القرآن على المريض ، يجعله يشك في الرقية الشرعية   عموماً .
إن استعمال هذه الطرق نوع من الكذب على المريض ، والكذب لا يجوز شرعاً .
إن في الكتاب والسنة ما يغني عن قراءة الشعر على المريض .
إن هذا الأسلوب ( الطرق المَرْضِيًّة الثلاث ) يعدّ من الأساليب النفسية المحتوية على الكذب ، وفي الأساليب النفسية الخالية من الكذب ما يغني عن  استعمالها .
إن هذا الأسلوب يحتوي على مفاسد شرعية ، لذا لا يجوز استعماله .

ونرد على هذه الشبهات بما يلي :

أولاً :قولهم : إن هذا الأسلوب يشكك في الراقي بأنه يستعمل الطلاسم والسحر .

أقول : إن قراءة الشعر على المريض كطريقة فاحصة ليس من باب الطلاسم ولا السحر ، فالطلاسم بلا أدنى شك أمر غير مفهوم ، وليست بكلام عربي ، بينما ما أقرأه من شعر هو من الكلام العربي المفهوم للمريض وللمستمعين ، وهو من الكلام المباح فضلاً عن أن يكون من المفيد . فمما أقرأه على المريض متن الرحبية في الميراث ، وهذا إذا سمعه المريض لا يأتي في باله أبداً أن هذا من السحر والطلاسم ، ومن خلال التجربة الطويلة لم أتعرض لأي سؤال من أي مريض عن الذي أقرأه ، أو أنه تضايق منه ، بل على العكس من ذلك أجد الثناء من قبل المرضى بعد خلاصهم من الوهم كما أنني عادة أطلع أهل المريض أو من يحضر معه الجلسة على أني أستعمل مع المريض طريقة امتحان وفحص أقرأ فيها من الشعر المباح ؛ لاكتشاف الوهم عند المريض .

ثانياً : قولهم : إن هذا الأسلوب يشكك في الرقية الشرعية عموماً .

أقول : إن الرقية الشرعية تبدأ عند التأكد من إصابة المريض بالمرض الروحي لا قبل ذلك ، وتكون الرقية الشرعية بالقرآن الكريم ، وقد ذكرت مراراً أن قراءة الشعر على المريض ليست من باب الرقية الشرعية ، ولكنها مرحلة سابقة للرقية الشرعية ، والهدف منها الكشف عن حالة المريض والوقوف على الأوهام لدى بعض المرضى ، ومن هنا فإن المريض لا يشك في الرقية ، ولا في الراقي .

ثالثاً : قولهم : إن هذا الأسلوب ( الطرق الذهبية في تشخيص الحالة المرضية ) نوع من  الكذب على المريض ، والكذب لا يجوز شرعاً .

أقول : إن الكذب على المريض الذي ينتظر مني أن أقرأ عليه الرقية الشرعية يكون كذباً إذا قرأت عليه الشعر ، واكتفيت بذلك ، ولم أقرأ عليه الرقية الشرعية ، والذي يحدث مع المرضى أنني بعد استعمال ( الطرق الثلاث الفاحصة ) ونزع الوهم من المريض ، وما ألصق بعقله من كثرة تردد على المعالجين ، فإنني أقرأ عليه الرقية الشرعية وأتابع معه العلاج ، وهذا لا يعد من الكذب في شيء   أبداً ، علماً أن هذا الأسلوب يعدّ من الأساليب الفاحصة ، أو من باب الاختبار والامتحان ، والاختبار يكون بأي شيء نافع ، ولا يشترط أن يكون بالقرآن . 
ومما اختبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - ما ورد في صحيح مسلم من قصة ابن صياد ، حيث اختبره النبي - صلى الله علية وسلم - ليعرف أنه الدجال أم لا ، فضمر له النبي - صلى الله عليه وسلم - وطلب منه أن يعرفها ، فقال ابن الصياد : هو الدخ ، فقال له النبي - صلى الله علية وسلم - : (( اخسأ عدو الله فإنك لن تعد قدرك )) ، ويقصد النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه دجال ، وليس الدجال .

رابعاً : قولهم : إن في الكتاب والسنة ما يغني عن قراءة الشعر على المريض .

أقول : إن الكتاب والسنة تكون فيهما الرقية الشرعية ، وأما طريقة الفحص والاختبار ونزع الأوهام من المرضى وتشخيص الحالات لا تقتصر على الكتاب والسنة ، بل تتجاوز ذلك إلى الخبرة والتجربة العلمية التي أباحها الشرع ، وكل ما هو نافع مباح ينفع المريض ويساعد في تشخيص حالته .

خامساً : قولهم : إن هذا الأسلوب يعدّ من الأساليب النفسية المحتوية على الكذب ويستعاض عنها بأساليب نفسية أخرى خالية من الكذب .

أقول : إن هذا الأسلوب ليس من الكذي في شيء كما بينت سابقاً ، ولا مانع من استعمال أساليب نفسية أخرى في العلاج والتشخيص ، وهذا هو الهدف المراد .

سادساً :قولهم : إن هذا الأسلوب يحتوي على مفاسد شرعية ، لا يجوز استعماله .

أقول : إن هذا القول من مستهجنات الأمور ، فأين هذه المفاسد الشرعية التي ذكرتم ؟ وحبذا لو أطلعتمونا عليها ، والتي لم تذكروا منها شيئاً وإنما هي مجرد دعوى لا أساس لها ، وكما أن الحكم عليها بالحرمة لم أسمعه من العلماء   والأفاضل ، ولم أطلع عليه بل وجدت من أهل العلم من اطلع عليه ومدحه ، وإني أهيب بإخواني الذين يتسرعون بالتحريم ، أن يتريثوا ولا يقفوا ما ليس لهم به علم ، وإن كان هناك من قال بالتحريم من أهل العلم ، فإني أطلب ذكر فتواه مفصلة حتى أطلع عليها وألا تكون هناك دعوى بلا علم .

ولقد طرح عليَّ سؤال وهو : كيف تتعامل مع المريض إذا ثبت أنه يعاني من مرض نفسي ؟
قبل الإجابة أود أن أشكر الأخ السائل على مثل هذه الأسئلة النافعة والمفيدة التي تدل على حرصه على سلامة جميع المرضى .
وأجيب على عن فأقول : إن كثيراً من الحالات التي أعالجها تكون مصابة بالوهم المجرد ، وليس بها مس شيطاني ، ولا حتى مرض نفسي ومجرد أن نزعنا الوهم الذي ألصق بعقله يشفى بإذن الله تعالى ، وليس بحاجة إلى طبيب نفسي .
أما بعض الحالات التي يثبت لدي أنها مصابة بمرض نفسي فأقول : إن أنواع الإصابة بالأمراض النفسية تختلف عن بعضها البعض ، فمنها ما نعالجه بكتاب الله ، ونتابع معه العلاج بالرقية الشرعية حتى يشفى بإذن الله تعالى ، ومنها الحالات النفسية المستعصية التي لا تخفى ، فمثل هذه الحالات نحولها إلى الطبيب المختص ، ونحن دائماً ننصح جميع المرضى والمصابين ، حتى إن كانت عللهم عضوية أو نفسية بأن يستشفوا بكتاب الله تعالى ، وسنة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - ، ولا يمنع ذلك من مراجعة الطبيب المختص .

العلماء الذين أفتوا بجواز الطرق الذهبية في تشخيص الحالة المرضية :
نذكر منهم :
فتوى فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله المطلق / عضو هيئة كبار العلماء .      ( فتوى مسجلة هاتفياً ومقابلة شخصية ) .
فتوى خطية من دائرة الإفتاء العام في المملكة الأردنية الهاشمية . ( موثقة خطياً ) .
فتوى الشيخ محمد صالح المنجد . ( موثقة خطياً ) .
فتوى الشيخ عبد الرحمن السحيم . ( موثقة خطياً ) .
فتوى فضيلة الشيخ محمد أبو رحيم . ( موثقة خطياً ) .
فتوى الشيخ حامد بن عبدالله العلي .( موثقة خطياً ) .
فتوى فضيلة الشيخ عبدالله بن عبد العزيز الجبرين / عضو الإفتاء والأستاذ بكلية التربية بجامعة الملك سعود بالرياض . ( مقابلة شخصية ) .
فتوى فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبدالله بن عبد الرحمن الراجحي . ( عبر سؤال خطي وجهته إليه في الحرم المكي ) .
فتوى الشيخ مسلم الجهني / وهو مفتِ في الحرم المدني . ( عبر سؤال خطي وجهته إليه في الحرم المدني ) .
10. فضيلة الشيخ خالد بن عثمان بن علي السبت . ( عبر مقابلة شخصية في الحرم المكي ) .
11. فتوى الشيخ فهد السفياني / مفتي بالحرم المكي . ( عبر مقابلة شخصية في الحرم المكي ) .
12. فتوى الشيخ الدكتور عبدالله الدويش / أستاذ السنة النبوية بكلية العلوم والآداب . ( عبر اتصال هاتفي ) .
13. فتوى الشيخ بدر بن سويلم المقاطي . ( عبر اتصال هاتفي ) .
14. فتوى الشيخ تركي بن عبد العزيز العقيل . ( عبر اتصال هاتفي ) .
15. فتوى الأستاذ الدكتور مروان بن إبراهيم القيسي . ( أقرها وسبق أن قدم  لها ) .
16. فتوى فضيلة الشيخ محمد الحمود النجدي . ( موثق عبر سؤال وجهه له أحد الأخوة على قناة المعالي الفضائية ) .
17. فتوى الشيخ إحسـان بن محمـد بن عايـش العتيـبي . ( عبر اتصال هاتفي ) .
18. فتوى الشيخ علي بن حسن الحلبي الأثري . ( عبر مقابلة شخصية واتصال هاتفي ) .
19. فضيلة الشيخ سليمان بن عبد أبو دامس . ( أقرها وسبق أن قدم لها ) .
وغيرهم كثير ، والحمد رب العالمين .

المبحث الثاني

شبهات الرقاة في تشخيص المس الشيطاني والرد عليها

شبهات الرقاة في تشخيص المس الشيطاني والرد عليها :

الشبهة الأولى :

يعتقد كثير من الرقاة أن كل من يتأثر بالرقية - حال سماعها - برجفة ، أو خدر ، أو غيبوبة ، أو ما شابه ذلك ، هو ممسوس أو محسود أو مسحور ؟!

دحض هذه الشبهة :

نعم من الممكن حدوث بعض الأعراض عند بعض المصابين بمس أو   سحر ، أو حسد ولكن لا يشترط في كل من يتأثر بالرقية حال سماعها أن يكون به جن أو سحر . أذكر أنني كنت أقرأ على بعضهم شعراً فكان يتأثر وينتفض ، وبعضهم كنت أشير إليه بإصبعي دون أن أقرأ عليه ، فيتأثر وينتفض ، وكنت أضع يدي على بعض المرضى دون قراءة ، فإذا به يرتجف وينتفض ، وعندما أسأله يقول : لا أعرف السبب ، فأقول له : أنا لم أقرأ ، فلماذا تأثرت ؟ فلا يجيب !
أما ما يحدث عند بعض المصابين من تأثر وارتجاف فهو كثيراً ما يكون بسبب استعداد الشخص لتقبل الإيحاء وشدة سيطرة فكرة المس والسحر على شخصيته , فكلما كان قوي الشخصية كان أشد تماسكاً , وكلما كان ضعيف الشخصية ارتجف وارتعد حتى قبل أن يقرأ عليه أحد شيئاً ، وللتفريق بين هذه وتلك لا بد من الرجوع لمعالج متمرس صاحب خبرة وتجربه طويلة .

الشبهة الثانية :

يعتقد بعض الرقاة أن سرعة تأثر المصاب أثناء الرقية ، أو تأخر تأثره مرتبطان بمدة الإصابة قديمة أو حديثة !!

دحض هذه الشبهة :

أعتقد أنه ليس هناك أهمية لكون الإصابة قديمة أو حديثة ، فكثيرُ من الحالات ولو كانت قديمة جداً تٌشفى بجلسة واحدة بفضل الله تعالى ، خصوصاً بعد تشخيص الحالة تشخيصاً دقيقاً .
أما بالنسبة إلى من يتأثرون سريعاً عند سماع الرقية ، فقد وجدنا بعضهم قد أتى إلى هذا الراقي وهو متوتر وخائف ومسيطر عليه الوهم ، ومتقبل للإيحاء ، ومعلومٌ أن الشخص الذي يتأثر بسرعة هو صاحب شخصية ضعيفة هشةً ًيسيطر عليها الوهم .
وأما الذين لا يتأثرون إلا بعد وقت طويل من القراءة ، والذين يزعم بعض المعالجين أن الإصابة فيهم قديمة ، فهؤلاء أصحاب شخصيه قوية ، وسبب تأخر التأثير فيهم هو طول مدة الإيحاء إليهم من قبل بعض الرقاة ، فتجده يلهث خلف العلاج عند كل راق ، والله المستعان .

الشبهة الثالثة :

يعتقد أغلب الاخوة الرقاة أن كل من يطيل النظر في المرآة يكون معه جني عاشق ، حتى إن بعضهم يقول : إن الجني ينظر بعيون المصاب في المرآة ويستمتع بالجسد !!

دحض هذه الشبهة :

نعم قد يحدث هذا عند بعض الممسوسين ، ولكن لا يشترط في كل من يطيل النظر في المرآة أن يكون به مس من الجن أو سحر ، وإن الحالة النفسية عند الشخص تلعب دوراً كبيراً في ذلك ، فطبيعة المرأة أن تحب النظر في المرآة ، وتهتم بنفسها وجمالها ، وهنا أطرح ثلاثة أسئلة ، وأجيب عنها :
أولاً : هل الجني المتلبس للجسد إذا أراد النظر يحتاج لعيون الشخص كي ينظر من خلالهما ؟

- لا ريب أن هذا غير صحيح لأن الجني يستطيع أن ينظر إلى أجزاء كثيرة من الجسم وخصوصاً مناطق العورة ، ولا يحتاج إلى مرآة ولا إلى غيرها .

ثانياً : وهل إذا أراد ذلك الجني السمع يستعمل أذني المصاب ؟

- لا ريب أن هذا غير صحيح ، لأن الجني يستطيع أن ينظر إلى أجزاء كثيرة من الجسم وخصوصاً مناطق العورة ولا يحتاج إلى مرآة ولا إلى غيرها .

ثالثاً : لماذا بعض الفتيات تحب أن تنظر في المرآة ، وتهتم بنفسها كثيراً ، ولكنها بعد فترة من الزمن تجد نفسها تكره المرآة ولا تحب أن تنظر إليها بل تخاف من صورة وجهها في المرآة ؟

- كما ذكرت سابقاً ، إن الأمر يتعلق بنفسية المصاب ، فتجد هذه الفتاة حينما تتأثر نفسياً ؛ بسبب كثرة المشاكل ، وحمل الهموم والأحزان ، تصبح تتضايق من الآخرين ، وتقل ثقتها بالناس وبنفسها فتكره نفسها ، ولا تهتم بلباسها ، وهذا ما أقر به كثير من المرضى بعد محاورتهم ، ودراسة حالهم ، فلا ينبغي لنا أن نعلق كل أمور حياتنا ومشاكلنا على حبل الشياطين .

الشبهة الرابعة :

اشتهرت طريقة العلاج والفحص بقول : ( بسم الله ) مع سحب النفس وإخراجه ، حتى أصبحت هذه الطريقة من الثوابت عند كثير من الرقاة مستدلين بحديث (( لا تقل : تعس الشيطان ، ولكن قل : بسم الله ، فإنك إذا قلت : تعس الشيطان ، يعظم حتى يكون مثل الجبل ، فيقول : بقوتي صرعته ، وإذا قلت : بسم الله ، تصاغر حتى يصير مثل الذباب ))  .
وبعضهم يقول : إن مجرى التنفس وقراءة القرآن وذكر الأدعية المأثورة ينقل الهواء للرئتين ، ومن ثم إلى الدم ، ويزعم أولئك الرقاة أن اتباع هذه الطريقة تؤثر - بإذن الله عز وجل - في الاقتران الشيطاني ، ووجود الجني داخل الجسد ، لما ثبت في الصحيح : (( إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ))  .
إن أول من تكلم عن هذه الطريقة هو الشيخ رياض محمد سماحه ، وهو معالج مصري معروف وصاحب كتاب ( دليل المعالجين ) . يقول الشيخ - حفظه الله - : ( إنه حين نستشفي باسم الجلالة بهذه الصيغة فإننا في واقع الأمر نسمي على النفس المنشوق أول النفس وآخره فلا يكن للشيطان أي قدر من هذا النفس فتحدث له عملية اختناق )  .
ويضيف أيضاً : ( إنه باستمرار البسملة بالصيغة والكيفية السابقة ، فإن المريض غالباً ما يشعر بما يلي : برودة في الأطراف ، ثم تنميل في الجسم ،  ودوار ،  وصداع ، وخوار في القوى ، وحدوث رعشة ، وتثاؤب مستمر ،   وغثيان ، وميل إلى القيء ، وشعور بالضيق في الصدر ، وتشنجات في الأطراف ، وضحك لا إرادي ، أو بكاء لا إرادي ، ورغبه في الهرش ... وتعليل ذلك أن الشيطان - عليه لعنة الله - يتسبب في هذه الأعراض ، لتعجيز المصاب عن ذكر البسملة ، أو لشغله عن الاستمرار فيها فيسرق منه النفس الذي يشاركه فيه . وهذه الطريقة تثبت ثبوتاَ مطلقاَ أن هناك إيذاءً شيطانياً ) . 

دحض هذه الشبهة :

أقول وبالله التوفيق : من هنا بدأت المشكلة عند كثير من المعالجين ، وذلك لأنهم أخذوا كلام الشيخ كأنه كلام منزّل لا يحتمل الخطأ ، وأن الأعراض التي تظهر من خلال تطبيق هذه الطريقة تثبت أن الشخص مصاب بعلة روحية بلا أدنى شك ، والحقيقة أن هذا الكلام غير صحيح مطلقاً ، والاستدلال بالحديث في غير مكانه ، وأذكر بالتجربة ما يثبت ذلك ، فقد جرّبت على عدد كبير من المصابين والمراجعين لي هذه الطريقة ، وهي أخذ شهيق وإخراج زفير من غير تسمية فوجدت عدداً كبيراً منهم قد ظهرت عليه نفس الأعراض التي ذكرها الشيخ سماحة والسؤال المهم هنا : هل عملية الشهيق والزفير من غير تسمية أو ذكر معين أيضاً تؤثر على الجن ، أو السحر ، أو الحسد ؟!!

الشبهة الخامسة :

يعتقد كثير من الرقاة أن كل حلم يراه النائم في المنام يكون سببه الشيطان !!

دحض هذه الشبهة :

بعض النساء الحوامل تزداد عليهن الأحلام المزعجة وبكثرة أثناء وبعد الشهر الرابع ، والسؤال : هنا لماذا بعد الشهر الرابع ؟ وأين كان الشيطان في الأشهر الأولى من الحمل ؟؟
لقد ثبت علمياً وطبياً أن الأطفال الصغار يحلمون ، فتجدهم أحياناً يضحكون وأحياناً أخرى يبكون ، ويصرخون في المنام ، تقول الدكتورة ديانا قملي أخصائية علم النفس السريري في مستشفى الأطفال بلندن : ( الكوابيس وفزع النوم من الحالات الشائعة في مرحلة الطفولة ) . 
يقول الدكتور سعدي الجادر استشاري الغدد الصماء والسكري في مستشفى الفجيرة : ( إن انخفاض السكر أثناء النوم يصاحبه عدة أعراض من بينها الأحلام المزعجة والكوابيس ) . 

أقول : لا يشترط أن تكون جميع الأحلام التي يراها الإنسان في المنام بسبب الشيطان على الإطلاق ، وإنما يدخل فيها عدة أمور أذكر منها ، انخفاض سكر الدم قبل النوم ، ووضعية النوم الخاطئة ، وامتلاء البطن قبل النوم ، وحدوث أعراض جانبية لتناول بعض الأدوية ، وبسبب حدوث ضغوطات نفسية ، وتعب ، وإرهاق وغير ذلك .

الشبهة السادسة :

بعض الرقاة يطلب من المصاب أن يشرب الماء المقروء عليه دون أن يسمي الله تعالى ، وفي ظنه أنه يخدع الجني الموجود في الجسد !!

دحض هذه الشبهة :

هذا الفعل هو من تلبيس الشيطان على بعض المعالجين وذلك لمخالفتهم للشرع ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوصى بأن لا نأكل أو نشرب حتى نسمي الله ، وهانحن عندما نقرأ الرقية على ماء أو زيت ، ونأمر المصاب أن يسمي الله ، ويبدأ بالشرب منه نرى أن الشيطان يتأثر من هذا الماء المقروء عليه . فلا بد أن يكون الاجتهاد في مثل هذه الأمور ، أو في غيرها غير مخالف للنصوص الشرعية ، فما أمرنا به النبي - صلى الله عليه وسلم – نلتزمه ولا نخالفه ، ولا يجوز التلاعب به ، فلا اجتهاد في موضع النص .
ولما سُئل الشيخ ابن جبرين - رحمه الله - عن ترك التسمية ، أجاب : ( لا أرى ترك التسمية لعموم الأدلة على ذكر اسم الله عند الأكل والشرب سواء كان الشراب قد قٌرئ فيه أم لا ، ففي شربه مع التسمية حماية للإنسان من تعدى الشيطان وحرزه ولا مانع من تقييد الشيطان وربطه في المصروع حتى يهلك بالقراءة ) .  

الشبهة السابعة :

يختلط على بعض الرقاة ، وكثير من المرضى ما يخرج من البطن سواء من الفم أو من القولون ، وخاصة إذا أخذ المريض بعض الأعشاب الملينة أو المقيئة فتخرج مواد بألوان مختلفة ، فكثير منهم يعتقد أن هذه الألوان تدل دلالة جازمة على وجود السحر !!

دحض هذه الشبهة :

لا يشترط في كل ما يخرج من الفم والقولون أن يكون سحراً مشروباً ، أو مأكولاً ، فهذا من الأخطاء الشائعة عند كثير من الرقاة ، حتى إن بعضهم خصصّ ألواناً خاصةً للسحر ، فمثلاً إذا كان اللون أحمر أو أخضر ، فإنه يدل على أن السحر مشروب أو مأكول .
وبعضهم يرهق المريض ويصف له خلطات قويه جداً للاستفراغ وبعد ذلك يقول للمريض : خرج جزء من السحر ، وبقي جزء !! ويكرر له الخلطة عدة مرات حتى يتعب المريض بسبب فقدان السوائل .
والعجيب أن ذلك المعالج وبعد إعطاء المريض عدداً من الخلطات يقول له : بقي شيء من السحر في طرف المعدة !! والجن الموكل بالسحر هو الذي يمنع نزوله !! ولا أعلم على ماذا بنى كلامه هذا ؟ والطبيب أحياناً بأجهزته الطبية المتطورة يعجز في بعض الأوقات أن يصف ما في المعدة ، وهذا المعالج من دون أجهزه طبية ، ويقول له : بقي عندك جزء من السحر !!
وعموماً لا يشترط فيما يخرج من المعدة والأمعاء أن يكون سحراً مهما كان لونه أو شكله ، وهناك بعض الأعراض والعلامات للسحر المشروب أو المأكول تدل على وجوده في المعدة والأمعاء ، ويوصف للمريض ما تيسر من العلاج سواء أكان بالرقية أم بالمواد الحسية ، ويخرج السحر بإذن الله ، ونعرف ذلك بانتهاء المشكلة تماماً .

الشبهة الثامنة :

يعتقد كثير من الرقاة بأن كل ما ينطق على لسان المريض أثناء سماع الرقية هو من الجن !!

دحض هذه الشبهة :

مع احترامنا لكل رأي أو فكرة يحملها الإنسان المدرك ، نقول : إذا التبست علينا الموضوعات ، وتعذر استيعابها نظراً لوجود تناقض في الآراء حولها بين مقر ومنكر ، فإن من الأولى أن نأخذ عندئذٍ بالرأي الذي يستند إلى الأدلة العلمية ، سواء أكانت من علم الشريعة الإسلامية أو من العلم المادي الذي يؤيده الواقع والتجربة , ونرفض الرأي الذي يقوم على الظن والتخمين بلا دليل ، ولا يتفق مع الواقع ولا تؤيده التجربة والحس .
وعليه فإنني أقول أنه ليس كل ما ينطق بلسان المصاب أثناء القراءة يشترط أن يكون من الجن ، بدليل أننا لو نظرنا إلى طفل حينما ترتفع درجة حرارة جسمه لرأيناه يتكلم بكلام غريب لم يصدر منه من قبل ، وتجده يرى أشياء أمامه ،   ويقول : هذا هو هذا هو . والحق أن هذا فقط بسبب ارتفاع درجة الحرارة . وثمة دليلٌ آخر نجده عند الشخص بعد العملية الجراحية وقبيل الاستيقاظ من المخدر ، فنرى أحدهم يقرأ القرآن ، وآخر يتكلم بالحب والغزل .
حتى إنني سمعت بأن الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين أعطى خطبة كاملة وهو فاقد الوعي ، وذلك نقلاً عن أحد أبناء الشيخ - رحمه الله - أنه في الفترة التي اشتد فيها المرض على الشيخ في رمضان أصابت الشيخ غيبوبة لفترة محدودة ، وكان الشيخ - رحمه الله - لا يدري حينها عما يدور حوله .
يقول ابن الشيخ : إنه في تلك الليلة أخذ الشيخ - وهو في غيبوبته - يتحدث عن خطر الغيبة والنميمة ، ويذكر الآيات ، ويسرد الأحاديث تماماً ، كما لو أنه يلقي محاضرةً أو درساً . قال ابن الشيخ : والله لو سجلت ما قاله لكان درساً عظيماً في بابه ، فسبحان الله ! عرفوا الله في الرخاء والشدة ، وأحبوا العلم والتعليم ، فكان جزءاً لا يتجزأ من وعيهم ، ولا وعيهم . رحمك الله يا فقيد العلم . 
يشير الشيخ وحيد بن عبد السلام بالي - حفظه الله – إلى أن هناك فرقاً دقيقً يستطيع المعالج من خلاله أن يفرق بين الحالة النفسية والمس الشيطاني ، فيقول حفظه الله تعالى : ( إذا تكلم الجني على لسان الإنسي ، وبعد ما استفاق الإنسي من غيبوبته نسأله هل شعرت بشيء ؟ أو هل تكلمت بشيء ؟ فيقول : أسمع الكلام يخرج مني من دون إرادتي ، ولا أستطيع أن أتكلم فنعرف أنها نفسيه .
وأما إذا نطق على لسانه ، والمريض في غيبوبة تامة ، ثم استفاق من غيبوبته ، وسألته هل تكلمت بشيء ؟ وهل سمعت شيئاً ؟ فقال : لم أتكلم بشيء ، ولم أسمع شيئاً ، فهذا دليل على أن الذي نطق جني فعلاً ) .  
إذاً ليس حتما مقضيا أن كل ما ينطق على اللسان يكون بسبب الجني ، وكما أشرت من قبل فأنه حينما كنا نختبر المرضى ، ونقرأ عليهم شعراً ، كنا نرى بعضهم ينتفض ويتكلم بكلام دون إرادته .
الشبهة التاسعة :

يعتقد كثير من الاخوة الرقاة أن ما يسمى أعراض المس أو السحر أو الحسد هي أعراض قطعية الدلالة تدل على وجود السحر والمس والحسد !!

دحض هذه الشبهة :

الحق أنه ليس هناك عرض واحدٌ نستطيع من خلاله أن نجزم بنوع   الإصابة ، لا سيما وأنه قد ثبت أن الأعراض تتشابه . ولقد طرحت هذا السؤال في عدد من المنتديات ، فلم يستطع أحد أن يبين لي عرضاً واحداً نستطيع من خلاله الجزم بنوع الإصابة ، وبناء عليه فإنني أنصح الأخ الراقي بأن يكون عنده معرفة بعلم وظائف جسم الإنسان ، والأمراض العضوية ؛ كي يتمكن من تشخيص  المرض ، وبالتالي يسهل علاج المصاب . وللأسف فإن ما شاهدته عند كثير من المعالجين أن تشخيصه للحالة لا يتجاوز الزعم بأنها بسبب السحر أو المس أو  الحسد .

الشبهة العاشرة :

ادعاء بعض الرقاة أن عنده القدرة على حرق الجني بالقرآن ، أو قتله !!

دحض هذه الشبهة :

انتشرت مسألة حرق الجني على ألسنة كثير من الرقاة فضلاً عن عامة  الناس ، ويدعي بعض الرقاة أن عندهم القدرة على حرق الجني المتلبس في الجسد ، ويقولون إن هذا الأمر قد ثبت لديهم باعتراف الجن أنفسهم أن القرآن يحرقهم ، ويدعي بعضهم أن ظهور تصبب العرق ، وشعور المريض بحرارة شديدة عند الرقية دليل على حرق الجني ، إلى غير ذلك مما يدعون .
إن هذه الأدلة التي يستدلون بها ليس عليها أي دليل من الكتاب أو السنة الصحيحة ، ولا أظن أن ما ذكره الرقاة آنفاً يعد حجة يحتج بها على حرق الجن ، فالجن كما هو معلوم فيهم كذب كثير ، فلا نصدقهم فيما يخبرون ويقولون ، وأما مسألة التعرق والحرارة التي تظهر على المريض عند الرقية ، فلها أكثر من سبب ، كالخوف والتوتر ، وقد يكون بسبب مرض روحي .
فالأصل فينا كرقاة أن نعتقد جازمين أن آيات الله تعالى حينما تتلى على الجن المتلبس في البدن تؤثر فيه تأثيراً بالغاً ، فلربما تكون سبباً بهلاكه ، أو طرده ، أو إضعافه ، فينبغي على الراقي ألا يخوض في مثل هذه الأمور التي تعد من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله تعالى ، ولا نقف ما ليس لنا به علم ، والله الهادي إلى سواء السبيل .

الشبهة الحادية عشرة :

ادعاء بعض الرقاة إخراج الجن بقولهم للمصاب : ( لقد أخرجتُ من جسدك خمسة وبقي واحد أو اثنان أو ثلاثة ) .... وهكذا !!

دحض هذه الشبهة :

إن هذا الادعاء - بلا ريب - من تلبيس الشيطان على بعض الرقاة ، بل ومن كذب بعض المعالجين على المرضى لأهداف مادية . وإنني هنا أطرح سؤالاً على من يدعي أنه أخرج عدداً من الجن وبقي عدد آخر ، فأقول له : هل رأيتهم ؟!! وكيف عرفت أن عدداً منهم قد خرج ؟!! هل من دليل من الكتاب أو السنة يثبت أنه يدخل الجسد عدد من الجن ؟! وما دمت قد أخرجت عدداً منهم فما الذي يمنعك أن تُخرج البقية ! قال تعالى : (( (((( (((((( ((( (((((( (((( ((((( (((((( ( (((( ((((((((( (((((((((((( ((((((((((((( (((( (((((((((((( ((((( (((((( ((((((((( ))  .

الشبهة الثانية عشرة :

يعتقد كثير من المعالجين أن البقع الزرقاء والحمراء التي تظهر على الجلد تكون بسبب المس أو السحر أو الحسد ، وبعضهم يقول إنها تدل على احتراق  الجني !!

دحض هذه الشبهة :

نعم ، قد تظهر مثل هذه البقع على الجلد بسبب أمراض روحية ، ولكن ليس كل ما يظهر على جلد الإنسان من بقع زرقاء أو حمراء أو غيرها يمكن أن يكون سببه عين أو حسد ، فهناك بقع زرقاء تكون بسبب نقص الصفائح أو اضطراب في وظائف الصفائح ، وقد تكون أيضاً بسبب الأدوية المميعة مثل الأسبيرين أو أدوية أخرى مثل الكورتيزون الذي يرقق الجلد ، ويسبب النزيف ، وأحياناً تكون بسبب نزيف تحت الجلد ، وانحباس الدم تحت الجلد ، وهذا الدم المحصور أو المحتبس يظهر على هيئة بقعة سوداء أو زرقاء .
وفي بعض الأحيان يكون على هيئة نقط حمراء دقيقة ، أو بقع حمراء ، ويمتص الجسم هذا النزف تحت الجلد ويستغرق ذلك من ( 2 – 3 ) أسابيع ، ويتغير لون الكدمات من أزرق ، ثم يتحول لونها إلى الأزرق المشوب بالخضرة ، ثم إلى الأصفر عندما تكون قريبة من مرحلة الانتهاء .  
الشبهة الثالثة عشرة :

يعتقد كثير من الرقاة أن كل من لم يدخل بزوجته ليلة الدخلة مسحور أو مربوط !!

دحض هذه الشبهة :

لا أشك أبداً في أن هناك ربط يحدث بسبب الجن أو السحر ، ولكنني أرى أنه لا يشترط في كل من لم يحصل بينه وبين زوجته جماع في الأيام الأولى من الزواج أن يكون مربوطاً أو مسحوراً كما يدعي كثير من المعالجين . والذي تبين لي بعد البحث ، ودراسة مثل هذه الحالات المرضية ، أنه في بعض هذه الحالات يكون السبب هو التعب والإجهاد الشديد للزوجين نتيجة لطقوس الزواج من فرح وغيره . كما أن الخوف سبب مهم في عدم حصول الجماع .
يقول الشيخ وحيد عبد السلام بالي - حفظه الله ورعاه - : ( الفرق بين عدم استطاعة الزوج الدخول بزوجته عن طريق الإرهاق أو عن طريق الربط ، أن يكون الذكر منتصباً فإذا لامسها يفتر ، فهذا دليل على أنه سحر ، وإن لم يكن من غير ملامسة يكون ضعفاً جنسياً عاماً ) . 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حكاية سحر الحمامات

  حكاية سحر الحمامات بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد المرسلين ، وعلى آله وصحبه أجمعين . وبعد : انتشر ...