الأربعاء، 2 يناير 2013

الكلام حول العقد التي تكون داخل بدن المصاب


بسم الله الرحمن الرحيم

السؤال : بارك الله فيكم يا شيخ ونفع بكم .
كثر الكلام حول العقد تكون داخل بدن المصاب ولم أفهم ! ما معنى العقد ؟ وكيف تكون ؟ وكيف يمكن حلها ؟
أرجوا ياشيخ التوضيح أكثر وأكثر ،وجزاكم الله خيرا.

بسم الله الرحمن الرحيم

وعليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد :

قولكم أخي الحبيب : 

كثر الكلام حول العقد تكون داخل بدن المصاب ولم أفهم ! ما معنى العقد ؟ وكيف تكون ؟ وكيف يمكن حلها ؟


الجواب :

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم وبعد :

لقد جاء ذكر العقد في نصوص الشرع حيث ورد ذكرها في كتاب الله تعالى وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم

فأما ما جاء في كتاب الله تعالى قوله : (( من شر النفاثات في العقد )) سورة الفلق. 

والمقصود بالنفاثات هنا : النساء اللاتي ينفثن في العقد سحراً يسحرن به الناس وخُصت النساء بذلك لأن الغالب أنه يقع منهن .

والمقصود بالعقد : كما جاء في كتب التفسير عن السلف رضوان الله عليهم أنها عقد من الحبال والخيط.

أما ما جاء في السنة المطهرة ففي الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِلاَّ أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ ). 

اختلف العلماء في هذه العقد فقيل هو عقد حقيقي بمعنى عقد السحر للإنسان ومنعه من القيام. قال الله تعالى : ومن شر النفاثات في العقد، فعلى هذا هو قول يقوله يؤثر في تثبيط النائم كتأثير السحر.
وقيل: يحتمل أن يكون فعلا يفعله كفعل النفاثات في العقد.

وقيل: هو من عقد القلب وتصميمه فكأنه يوسوس في نفسه ويحدثه بأن عليك ليلا طويلا فتأخر عن القيام.

وقيل: هو مجاز كنى به عن تثبيط الشيطان عن قيام الليل.


جاء في (غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب / فيما يقال عند الانتباه من النوم) شرح أوراد أبي داود : قال العلماء :

قيل أنها عقد حقيقة كعقد السحر.

وقيل : هو قول يقوله .

وقيل فعل يفعله.

قيل هو من عقد القلب فكأنه يتوسوس فيه ببقاء الليل .

وقيل هو مجاز كني به عن تثبيط الشيطان وتثقيله عن قيام الليل .


وجاء في فتح الباري شرح صحيح البخاري( باب عقد الشيطان على قافية الرأس إذا لم يصل بالليل ) فيما يخص العقد :

قيل هو على المجاز كأنه شبه فعل الشيطان بالنائم بفعل الساحر بالمسحور فلما كان الساحر يمنع بعقده ذلك تصرف من يحاول عقده كان هذا مثله من الشيطان للنائم .


وقيل : المراد به عقد القلب وتصميمه على الشيء كأنه يوسوس له بأنه بقي من الليلة قطعة طويلة فيتأخر عن القيام وانحلال العقد كناية عن علمه بكذبه فيما وسوس به .


وقيل : العقد كناية عن تثبيط الشيطان للنائم بالقول المذكور ومنه عقدت فلانا عن امرأته أي منعته عنها أو عن تثقيله عليه النوم كأنه قد شد عليه شدادا .


وقال بعضهم المراد بالعقد الثلاث : الأكل والشرب والنوم ؛ لأن من أكثر الأكل والشرب كثر نومه .


يقول الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في صحيح الترغيب والترهيب في الجزء الأول صفحة رقم252) أن هذه العقد تؤثر فيمن خذل ولم يوفق للطاعة, وهي لا تؤثر فيمن هدي ووفق للطاعة , وأمام كل إنسان نائم ثلاث عقد كثلاث جدر تحول بينه وبين النشاط والعبادة وطيب النفس.
فالأولى تنحل إذا استيقظ فذكر الله فور استيقاظه, والثانية تنحل إذا هو قام من فوره فتوضأ, والثالثة تنحل إذا هو كبر وبدأ في صلاته, وإذا انحلت عقده الثلاث أصبح نشيطًا بغير مُعوق ولا مُثبط ولا مُكسل ولا مُثقل, وأصبح طيب النفس بغير اكتئاب ولا هم ولا ضيق ولا حزن, فيسهل عليه عندئذ أن يصيب من الخير ويفعل الصالحات.

وجاء في موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن : أن قافية الرأس هي مؤخرته أو آخره وقيل أوسطه وضرب الشيطان على العقد من أجل حجب الحس عن النائم حتى لا يستيقظ ويشعره بالكسل.


أخي الفاضل :

هذه هي أقوال العلماء واضحة جلية في تفسير ما جاء بمعنى العقد في كتاب الله تعالى وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم كيفية حلها سواء كانت حقيقيه أو بمعنى المجاز فإذا استيقظ الإنسان وذكر الله عز وجل انحلت عقدة وإذا توضأ انحلت عنه عقدتان وإذا صلى انحلت عنه الثلاث عقد وأما ادعاءات بعض الرقاة -هداهم الله تعالى- أن هذه العقد تنتشر على جميع أنحاء الجسد وأن البشر يستطيعون تحسسها تحت الجلد.

حتى أن بعضهم أثبت أن لها ماهيه وقال : أن العقد تختلف بحسب اختلاف العارض فمنها ماهو متصلب ومنها ماهو أكياس هوائية أو مائية في المناطق الرخوة من الجسد كالصدر أو تحت الآباط أو في البطن وفي منطقة الأرحام أو في الأفخاذ ،أو بوجود الألم الدائم في عضو معين ،أو كعصب منفوخ أو معقود في المناطق المشدودة في الجسد كالرقبة أو الأكتاف أوالأطراف ، وهذه العقد من عمل الشيطان . وقد تظهر العقد بالأشعة الطبية على شكل جرم كالورم الليفي مثلاً في رحم المرأة فهو في الأصل ليس بالعين وإنما خادم عين .

إلى غير ذلك كثير مما يدعيه ويتأوله بعض الرقاة -هداهم الله تعالى- وإذا أردت الاطلاع على مزيد من هذه التأويلات والإدعاءات المبنيه على الظنون والأوهام البعيده كل البعد عن النصوص والأدلة الشرعيه فإنني أدعوك للإطلاع على هذا الرابط :

http://www.jarbo3.com/vb/showthread.php?t=3249

وأخيرا :

أقدم نصيحة لإخوتي وأحبتي الرقاة فقد ثبت عن نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( المؤمن مرآة أخيه ) وقال أيضا : ( الدين النصيحة ثلاثا قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) .

أولا : أن يتمسكوا بما هو ثابت في الكتاب والسنه وأقوال السلف وعلماء الأمه .

ثانيا : عدم الخوض في التفصيلات الدقيقة والأمور الغيبيه التي لا يعلمها إلا الله تعالى.

ثالثا : عدم التهويل في أمر الشيطان وأن لا يشغلوا الناس بالذي هو أدنى عن الذي هو خير.

رابعا : أن يرحموا عامة المسلمين ولا يوقعوهم بالأوهام والظنون والتخرصات التي ما أنزل الله بها من سلطان.

خامسا : الحذر من التهويل في قضية المس الشيطاني ونسب الأمراض العضويه والنفسية للجن والشياطين.

هذا ما تيسر لي والله تعالى أعلم وأحكم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حكاية سحر الحمامات

  حكاية سحر الحمامات بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد المرسلين ، وعلى آله وصحبه أجمعين . وبعد : انتشر ...